عِلمُ الرسول بقرب لقاء ربه

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد عَلِم بقرب موعد لقائه بالرّفيق الأعلى،[١] فعن أبي سعيد الخدري قال: (خَطَبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، النَّاسَ وقَالَ: إنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بيْنَ الدُّنْيَا وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ ذلكَ العَبْدُ ما عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَكَى أبو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ: أنْ يُخْبِرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خُيِّرَ، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ أعْلَمَنَا، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبَا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غيرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ، ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلَامِ ومَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ إلَّا بَابَ أبِي بَكْرٍ)،[٢] وذكرت عائشة -رضي الله عنها- قصة إسراره بأمر وفاته لابنته فاطمة -رضي الله عنها-، فعندما توفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصرّت أم المؤمنين عائشة على ابنته فاطمة أن تخبرها بما أسرّ لها رسول الله، فأخبرتها أنَّ خبره الأول الذي كان سبب بكائها هو اقتراب أجله -عليه الصلاة والسلام-، وأنَّ خبره الثاني هو أنَّها سيدة نساء الجنة، وسيدة نساء الأمة.[٣]


وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام

يوم الوفاة

توفي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الإثنين في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة للهجرة، في وقت الضحى من ذلك اليوم، فكان يوماً مُظلماً لم يرّ في الإسلام مثله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم".[٤]


آخر صلاة مع أصحابه

كانت آخر صلاة صلّاها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع أصحابه يوم الخميس الذي كان قبل وفاته بأربعة أيام، ثم اشتدَّ عليه المرض فلم يصلِّ معهم بعدها، وأخبرت أم الفضل بنت الحارث أنَّ آخر صلاة صلاها كانت صلاة المغرب، وقرأ فيها بسورة المرسلات، ثمَّ لم يصل فيهم بعدها أبدًا.[١]


لحظة الوفاة

احتضر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بيت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وكانت تسنده إليها، بين سحرها ونحرها، وعندما دخل عبد الرحمن وفي يده السّواك أشار إليها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لتناوله إياه، فليّنته له بفمها وأعطته إياه فاختلط ريقها بريقه عليه السلام، ثم جعل يُدخل يده بماءٍ في ركوةٍ ويمسح وجهه ويذكر أنّ للموت سكرات، حتى اختار الرفيق الأعلى، ثم قُبض ومالت يداه -عليه الصلاة والسلام-.[٤]


وقع الخبر على الصحابة

كان خبر وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جللاً، وكان وقعه على الصحابة عظيماً، فاضطرب حالهم، وأصابتهم الدهشة، ومنهم من أنكر خبر وفاته، ومنهم من أقعد، ولمّا حضر أبو بكر -رضي الله عنه- دخل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو مسجى بثوب، فكشف عن وجهه، ثمَّ قبله، وخرج لإخبار الناس بموته، فقال:[٥] (أمَّا بَعْدُ فمَن كانَ مِنكُم يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ مِنكُم يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، قالَ اللَّهُ: {وَما مُحَمَّدٌ إلَّا رَسولٌ قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى قَوْلِهِ {الشَّاكِرِينَ}، فقال عُمَرَ: واللَّهِ ما هو إلَّا أنْ سَمِعْتُ أبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقِرْتُ، حتَّى ما تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وحتَّى أهْوَيْتُ إلى الأرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا، عَلِمْتُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ مَاتَ).[٦]



مواضيع أخرى:

كم كان عمر الرسول عندما توفي؟

شرح عن حياة الرسول


المراجع

  1. ^ أ ب د. محمد بن عبدالسلام (28/9/2013)، "وفاة النبي صلى الله عليه وسلم"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2021. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:3654، حديث صحيح.
  3. د. راغب السرجاني (17/4/2010)، "وفاة الرسول وأثره على الصحابة"، قصة الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب فريق موقع اسلام ويب (18/7/2002)، "وفاة النبي صلى الله عليه وسلم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2021. بتصرّف.
  5. فريق موقع الاسلام سؤال وجواب (16/12/2018)، "أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو الذي أخبر الصحابة بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 10/5/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4452، حديث صحيح.