تعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم بمنزلة معركة من أنجح المعارك التي خاضها صلى الله عليه وسلم في مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين، ولقد كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم حافلة بكل ما هو خير، وفي قتنا الحاضر نحن نحتاج إلى النظر والتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ إن الأمة لا يمكن أن تصل إلى الصلاح إلا باتباع ما كان في الطريق التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي مقالنا هذا سنتعرف على مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته.


هجرة الرسول

إن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حدث عظيم، ولقد كانت هذه الهجرة فاصلًا بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية؛ وهي الانتقال من مرحلة الدعوة في مكة المكرمة إلى مرحلة الدعوة في المدينة المنورة، وفيما يلي توضيح لبعض الأمور التي يجب طرحها عن هجرة الرسول:[١]


1. من الدار إلى الغار

أذن الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ولم تكن قريش تعلم بهذا الأمر، بل كانت تتجهّز لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد خرج الرسول من بيته في ليلة السابع والعشرين من صفر من السنة الرابعة عشرة من النبوة،[٢] وذهب إلى بيت أبي بكر الصديق متخفيًا قبل مغادرته وهجرته ليخبره بأمر الهجرة، فخاف أبو بكر من أن يحرم من مصاحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصاحبه في هجرته فسمح له بذلك، وكان صلى الله عليه وسلم قد جهز راحلتين للهجرة، واستأجر دليلًا ليقوده في الطريق، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بأن يتولى بعض المهمات بعد هجرته؛ وهي أن يعيد الأمانات إلى أصحابها، وأن يلبس بردته وينام في فراشه في ليلة الهجرة، وفي فجر ليلة الهجرة انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر الصديق حتى وصلا إلى غار ثور.


2. لا تَحزَن إن الله معنا

اتبع المشركون آثار الرسول وأبي بكر الصديق، وكانا مختبئين في غار ثور، ومكثا في الغار لمدة ثلاث ليال، حتى تأكدا من أن المشركين كفوا عن ملاحقتهما وابتعدوا عن مكانهما، ثم أكملا الطريق إلى المدينة، وكان معهما في أثناء الهجرة الدليل المسمى بعبد الله بن أريقط، كما كان معهما عامر بن فهيرة ليساعدهما ويخدمهما، وبذلك كانوا في الهجرة ثلاثة والدليل هو الرابع، ولقد كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم متعبة وشاقة لما فيها من صعوبات واجهته في أثناء الهجرة، ولكنه رغم كل ذلك نجح في الوصول إلى المدينة المنورة بحماية الله وبحسن التخطيط والتدبير، وبذلك انتهت رحلة الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.


أسباب الهجرة إلى المدينة

لكل فعل سبب، ولا بد من وجود العديد من الأسباب التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ قرار الهجرة، ومن هذه الأسباب ما يلي:[٣]

  1. عدم تقبل أهل مكة المكرمة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم إلى الإسلام.
  2. استعداد أهل المدينة المنورة لقبول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
  3. تعرض النبي صلى الله عليه وسلم للكثير من أشكال الأذى في مكة.
  4. تسبب أهل قريش بالأذى والعقاب لكل من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
  5. تأمين موطن آمن لإقامة الدولة الإسلامية.


النتائج المترتبة على الهجرة

لكل هدف نتائج، وفيما يلي ذكر للنتائج التي تحققت بسبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة:[٣]

  1. تحقيق هدف إقامة الدولة إسلامية الذي هو من أسمى أهداف الهجرة.
  2. النجاة من أذى قريش الذي كان يتعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه.
  3. تحقيق مبدأ الأخوة بين المهاجرين والأنصار.
  4. القضاء على الحقد والبغضاء الذي كان في صدور القبائل، وتوحيدهم تحت راية الإسلام.


هل كانت الهجرة تغييرًا لموقف الرسول من الدعوة؟

إن الذي يقود معركة من المعارك الحربية هو الذي يحدد زمان ومكان هذه المعركة التي سيشنها على أعدائه، فالقائد لا يورط جيشه في معارك دون تخطيط سليم وصحيح لهذه المعركة، فقبل خوض المعارك يجب التخطيط لها ووضع الاستراتيجيات المناسبة للظروف، ثم بعد ذلك يأتي دور تنفيذها بدقة وإتقان، فلقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ"،[٤] ولهذا فقط غيّر الرسول صلى الله عليه وسلم موقعه بالهجرة؛ وذلك بنقل مكان الدعوة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ولكنه لم يغير موقفه من المعارك ضد أعداء المسلمين فلقد كان ثابتًا عليها ولديه دافع من أجلها.[٥]


المراجع

  1. "لا تَحزَن إن الله معنا:"، الألوكة. بتصرّف.
  2. "الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "أسباب ونتائج الهجرة النبوية"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  4. سورة الأنفال، آية:60
  5. الرسول/ "نبذة مختصرة لهجرة الرسول وأصحابه"، الألوكة. بتصرّف.