يعدّ فتح مكّة المكرّمة من أعظم الأحداث في السيرة النبويّة؛ لما له من أثرٍ بالغٍ ودورٍ عظيمٍ في التمكين للإسلام والمسلمين، وفيما يأتي بيانٌ لنتائج فتح مكّة، وأبرز أحداثه ومجرياته.


نتائج فتح مكة

كان من أبرز نتائج فتح مكّة المكرّمة؛ تطهيرها وتطهير بيت الله الحرام من الأصنام والأوثان التي كانت موجودةً ومعبودةً من أهل مكّة؛ حيث حطّمها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بمجرّد دخوله إلى مكّة ووصوله إلى البيت الحرام، وطاف بالكعبة المشرّفة، وكان الفتح سببًا في تعزيز قوّة المسلمين، وتمكين الإسلام في الجزيرة العربيّة كلّها؛ حيث بدأت قبائل العرب بعد فتح مكّة بالدخول في الإسلام، وزادت هيبة الإسلام والمسلمين في نفوس أعدائهم في الجزيرة وخارجها، ودفعت قوّة المسلمين التي ظهرت في فتح مكّة سببًا لهيبتهم في نفوس أعدائهم.[١]


مجريات فتح مكة

أسباب الفتح

اتخذ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الخروج لفتح مكّة؛ لما بدر من قريش من نقضٍ لصلح الحديبية الذي أبرمه معها؛ حيث أعانت وناصرت قريش قبيلة بني بكر -وكانت حليفةً لها، على قبيلة خزاعة -وكانت في حلف المسلمين-، مع أنّ بنود صلح الحديبة تمنع قريش من معاونة أحدٍ على المسلمين أو حلفائهم، إلا أنّ قريش خالفت هذا البند وأعانت بني بكر على خزاعة وأمدتهم بالسلاح، ولمّا علم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بذلك، قرر الخروج لتأديب قريش؛ تأديبًا لها على نقضها للصلح، وكان ذلك في السنة الثامنة من الهجرة النبويّة.[٢]


التجهز والخروج إلى مكة

قرّر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تجهيز جيش المسلمين؛ للخروج إلى فتح مكة المكرمة، ولم يُعلم الجيش بوجهتهم؛ حرصًا على السريّة، وحتى لا يبلغ قريش أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- خارجٌ إليهم، إلّا أنّ قريش بعد نقضها للصلح، تنبّهت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لن يمّر الأمر؛ فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة، في محاولةٍ للمحافظة على صلح الحديبية وبنوده، فلم يقبل أحدٌ أن يشفع لأبي سفيان، كان العباس -رضي الله عنه- عمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قد توجّه إلى المدينة مسلمًا، ولقي المسلمين في طريقه؛ فطلب منه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يحصر أبا سفيان في منطقةٍ يرى فيها جيش المسلمين وكثرتهم؛ لينبه قومه أنّهم لن يقدروا على مواجهة هذا الجيش.[٣]


وحين رأى أبو سفيان الجيش أدرك أنّه لا طاقة لقريش على قتال جيش المسلمين، وسأل العباس -رضي الله عنه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يتألّف قلب أبي سفيان؛ فأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ من دخل بيت أبي سفيان من أهل مكّة، فهو آمنٌ؛ فأسلم أبو سفيان، وعاد إلى قومه في مكّة المكرمة يخبرهم بأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قادمٌ إليهم بجيشٍ عظيمٍ لن يقدروا على قتاله، وأنّ من دخل إلى داره فهو آمنٌ، ومن أغلق عليه بيته فهو آمنٌ كذلك.[٣]


دخول النبي إلى مكة فاتحًا

أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- جيشه بألّا يقاتلوا أحدًا من أهل مكّة إلا إذا اضطروا لذلك، وألّا يقتلوا إلّا أفرادًا قلّة بأسمائهم؛ لشدّة إساءتهم للإسلام والمسلمين، ودخل -عليه الصلاة والسلام- مكّة على دابّته فاتحًا، مخفضًا رأسه؛ تواضعًا لله -تعالى-، وطاف بالبيت الحرام، وبدأ يضرب الأصنام؛ فحطّمها، وهو يردّد: "جاء الحقّ وزهق الباطل"، وطاف بالبيت، وأمر بلالًا -رضي الله عنه- بالأذان؛ فأذّن وصلّى بالناس، وخطب فيهم، وعفا عن قريش؛ فبدأ كثيرٌ منهم بعد الفتح يبايعونه ويدخلون في دين لله -تعالى- تباعًا.[٤]

المراجع

  1. "فتح مكة"، إسلام ويب، 25/5/2016، اطّلع عليه بتاريخ 26/9/2022. بتصرّف.
  2. عبد الرحمن بن وهب القحطاني، غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة، صفحة 95-107. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عماد الدين خليل، دراسة في السيرة النبوية، صفحة 201-205. بتصرّف.
  4. رمضان البوطي، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، صفحة 265-270. بتصرّف.