تعريف السحر

إنَّ السحر من أكبر الكبائر ومن أنواع الكفر العظيمة وهو شرك بالله سبحانه وتعالى، وقد سميّ سحرًا لما يقوم به السحرة من أشياء خفية للتدلييس على الناس وخداعهم والتخييل عليهم وسلب أموالهم بالباطل، وهذا هو معناه في الإصطلاح الشرعي،[١] أما معناه في اللغة صرف الشيء عن الوجه، وللسحر آثار وأضرار وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع وفي التفريق بين الأزواج والتأثير في القلوب وإلقاء الشرور فيها، كما ذكر الله عز وجلّ في كتابه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[٢][٣] لذلك فإنَّ على كل مسلم أن يرقي نفسه ويحافظ على أذكار الصباح والمساء وأن يداوم على الوضوء في يومه؛ فالمسلم المتوضئ تحرسه ملائكة الرحمن.[٤]


قصة السحر الذي وضع للرسول

كيف سُحر الرسول؟

ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه سُحر من اليهود من قبل شخص يقال له لبيد بن الأعصم، فأخذ مشط رأس الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصنع له سحرًا، وأصبح يخيل له أنَّه فعل شيء مع أهله وما هو بفاعله،[٥] وقد روي في صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفْعَلُهُ، حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي، أتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قالَ: فِيما ذَا، قالَ: في مُشُطٍ ومُشَاقَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قالَ فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقالَ: لَا، أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذلكَ علَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ)،[٦] فجاءه جبريل عليه السلام بوحي من الله -سبحانه وتعالى- ليخبره بما وقع، ورقاه وعوّذه من الشيطان الرجيم ومن كل شر يؤذيه؛ فقد كان مرضًا عارضًا شفاه الله منه،[٧] لما ورد في الصحيح: (أنَّ جِبْرِيلَ، أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقالَ: نَعَمْ قالَ: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).[٨]


تأثير السحر على الرسول

إنَّ السحر الذي أصاب سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن ذا تأثير على نبوّته؛ فقد كان يُحدّث الناس بما أمر الله تعالى وبالحق الذي أوحاه إليه، فلم يخل بذلك بالرسالة أو الوحي؛ فالله تعالى عصمه عن كل ما يمكن أن يمنع وصول الرسالة للناس،[٥] بل كان تأثير السحر عليه بلاءً بكونه بشرًا يصيبه كما يصيب أي إنسان كما حدث معه في يوم أحد عندما جرح وكُسرت ثنيته، فالأمراض والبلاء لم يُعصم عنها الأنبياء.[٧]


المراجع

  1. الإمام الشيخ ابن باز، "حكم السحر وأنواعه"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:102
  3. إسلام ويب (19/2/2006)، "السحر تعريفه وأنواعه وآثاره"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
  4. د. مراد باخريصة (18/9/2013)، "السحر"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الإمام الشيخ ابن باز، "كيف سحر الرسول ﷺ؟"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح االبخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3268، (حديث صحيح).
  7. ^ أ ب عبد الله بن عبد العزيز العقيل (3/9/2008)، "ما ورد في سحر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "، طريق الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2186، (حديث صحيح).