أرسل الله سبحانه وتعالى جميع الأنبياء من أجل الدعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وحياة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بكل ما هو خير، وسنقف على القليل من سيرة حياة النبي صلى الله عليه وسلم العطرة، وفي مقالنا هذا سنتعرف على أهم الأمور التي تتعلق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً من ولادته.
ولادة الرسول ونسبه
ولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين، الثاني عشر من ربيع الأول، ووالده هو عبد الله بن عبد المطلب، ووالدته آمنة بنت، وجده عبد المطلب، واسمه كاملًا هو محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان، وإن نسب عدنان ينتهي بسيدنا إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، ولقد روى كثير من العلماء أن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت لها إشارات خاصة.[١]
رضاعة الرسول
إن أول من أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم هي ثويبة أََمَة عمه أبي لهب، أما رضاعته صلى الله عليه وسلم في البادية حاله كحال أبناء أسياد قريش فكانت من حليمة السعدية التي يعود أصلها إلى بني سعد، ولقد جرت العادة بإرسال الأبناء ليرضعوا في البادية كي يكتسبوا جسمًا قويًّا ولسانًا فصيحًا.[٢]
وفاة والدي الرسول وكفالته
خرج عبد الله بن مطلب إلى الشام للتجارة، وعندما انتهى من التجارة ذهب إلى أخواله لأنه كان مريضًا، ومكث لديهم مدة شهر، بينما عاد أصحابه إلى مكة المكرمة، وعندما وصلوا سألهم عبد المطلب عن ابنه عبد الله، فقالوا له إنهم تركوه عند أخواله بني عديّ بن النجَّار لأنه مريض، فأرسل عبد المطلب ابنه الحارث إلى هناك فوجده قد توفي، ولقد كانت آمنة بنت وهب تحمل في بطنها النبي صلى الله عليه وسلم جنينًا، وعندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم السادسة من عمره توفيت والدته آمنة بنت وهب، فكفله جده عبد المطلب.[٣]
عمل الرسول
إن أول عمل اتجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو رعي الغنم في بادية بني سعد مع إخوته من الرضاعة، وبعد ذلك انتقل إلى رعي الأغنام في مكة المكرمة، وليس نبينا محمد هو فقط من رعى الأغنام من الأنبياء، بل إن باقي الأنبياء رعوا الأغنام أيضًا، وما دل على ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الكَبَاثَ، فَقالَ: علَيْكُم بالأسْوَدِ منه فإنَّه أيْطَبُ فَقالَ: أكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قالَ: نَعَمْ، وهلْ مِن نَبِيٍّ إلَّا رَعَاهَا"،[٤] كما أن النبي صلى الله عليه وسلم عمل بالتجارة أيضًا مع السيدة خديجة بنت خويلد، وعمل بالتجارة مع عمه أبي طالب رضي الله عنه قبل البعثة.[٥]
بعثة الرسول
لقد بعث الله سبحانه وتعالى سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون رسولًا وهو في سن الأربعين، فلقد جاء الوحي جبريل عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء يتفكر في خلق الكون، فقال له جبريل عليه السلام اقرأ ثلاث مرات، وكان يرد ما أنا بقارئ، ثم قرأ عليه مطله سورة العلق: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"[٦]، وبعد ذلك عاد إلى زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وكان خائفًا، فأخذته السيدة خديجة بنت خويلد إلى ورقة بن نوفل، وكان ورقة قد دخل في دين النصارى وعرف الكتاب، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل معه، فقال ورقة: "يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ"،[٧] فقد استبعد صلى الله عليه وسلم أن يخرجه قومه من بلاده، لكن ورقة يرد عليه: "نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا"،[٧] وبعد انقطاع الوحي جبريل عليه السلام لمدة من الزمن نزلت آيات من سورة المدثر: "يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ"،[٨] وبعد ذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بتنفيذ أمر الله سبحانه وتعالى، فبشّر الناس بدعوة الإسلام، وكان أول من أسلم من الرجال أبو بكر الصديق، وأول من أسلم من النساء خديجة بنت خويلد، وأول من أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب.[٩]
الدعوة السرية
ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام بعيدًا عن الأنظار لمدة ثلاث سنوات بعد نزول الوحي عليه، ليسلم معه من أسلم ممن ذكرناهم في المقال من المقربين منه، وبعد مرور ثلاث سنوات نزل عليه قول الله عز وجل: "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"،[١٠] وعندها انطلق صلى الله عليه وسلم من فوره إلى جبل الصفا، ونادى على قبائل قريش حتى تجمعوا، وعندها أراد أن يختبر مدى تصديقهم لهم قبل أن يخبرهم بأمر الدعوة، فسألهم إذا كانوا سيصدقونه لو أنه أخبرهم بوجود خيل ستهاجمهم، فكان ردهم بأنهم سيصدقونه طبعًا لأنه الصادق الأمين، وعندها أعلمهم أنه نذير لهم من الله عز وجل، لتبدأ بذلك المرحلة الجهرية من الدعوة.[١١][١٢]
الدعوة الجهرية
كانت الدعوة الجهرية بمنزلة انطلاقة جديدة للإسلام، وقد تدرج فيها صلى الله عليه وسلم بدعوة أقربائه كما أمره الله عز وجل، وفي تلك الأثناء كان المسلمون الجدد أو الداخلون إلى الإسلام يخفن أمر إسلامهم تجنبًا لبطش قريش، ويُظهر ذلك حكمة وبراعة في تطبيق الجهر بالدعوة؛ فليس من صالح المسلمين أن ينالوا أكبر أذى ممكن من قريش، وقد حاولت قريش إيقاف تلك الدعوة بكل ما تملكه من قوة، ولجأت إلى أبشع صورالتعذيب والأذى التي ألحقتها بالمسلمين، فلم يكن من السهل عليها ظهور دين جديد مخالف لما اعتادته وتلقته.[١٣]
الهجرة إلى المدينة
أعلم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن الوقت قد حان للهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وبناء على هذا الأمر الإلهي خرج الرسول من بيته في ليلة السابع والعشرين من صفر من السنة الرابعة عشرة من النبوة،[١٤] متجهًا نحو بيت أبي بكر الصديق سرًّا لإعلامه بالهجرة، وكان صلى الله عليه وسلم قد استعد للهجرة بتجهيز راحلتين، واستئجار دليل ليقوده في الطريق، كما طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب أن يتكفل ببعض المهمات بعد هجرته؛ وهي إعادة الأمانات إلى أصحابها، ولبس بردة الرسول والنوم في فراشه صلى الله عليه وسلم في ليلة الهجرة، وقد انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر الصديق في فجر ليلة الهجرة حتى وصلا إلى غار ثور.
في ذلك الوقت كانت قريش تتبع آثار الرسول وأبي بكر الصديق اللذين كانا مختبئين في غار ثور، وقد مكثا في الغار لمدة ثلاث ليال، إلى أن تأكدا من أن عدم ملاحقة قريش لهما، ليكملا الطريق إلى المدينة مع الدليل عبد الله بن أريقط، ومعهما عامر بن فهيرة الذي يساعدهما ويخدمهما، وإن القارئ لتلك الأحداث لا بد أن يدرك أن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت متعبة وشاقة، كما أنها مليئة بالصعوبات والتحديات، ورغم كل ذلك فإنها تكللت بالنجاح المتمثل بالوصول إلى المدينة المنورة بحفظ الله إلى جانب حسن التدبير والتخطيط، وبذلك تمت رحلة الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
دلائل نبوة الرسول
توجد الكثير من الدلائل على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي ظهرت قبل أن يبعث ويصبح نبيًّا، ومن هذه الدلائل ما يلي:[١٥]
- خروج نور عند ولادة النبي صلى الله عليه وسلم.
- حلول البركة العامة في منزل مرضعته حليمة السعدية، كما وقعت البركة على مالها أيضًا.
- شق جبريل عليه السلام لصدر النبي صلى الله عليه وسلم.
- استسقاء أبي طالب بالرسول صلى الله عليه وسلم.
- استدلال الراهب بحيرا على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجانب العسكري في حياة الرسول
إن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من أنجح المعارك التي خاضها صلى الله عليه وسلم في مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين، وقد كانت الحياة العسكرية للنبي صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى أربعة أقسام على النحو التالي:[١٦]
1. مرحلة الحشد
لقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة منذ أن بدأت نبوته، فقد شرع بجمع رجال مؤمنين بالله سبحانه وتعالى، إذ إن وجود رجال أقوياء مؤمنين كفيل ببناء ما تبقى من لوازم للمجتمع الإسلامي.
2. مرحلة الدفاع
وكانت بداية هذه المرحلة هي غزوة بدر الكبرى، أما نهايتها فقد تمثلت بغزوة الأحزاب.
3. مرحلة الهجوم
وامتدت هذه المرحلة من غزوة الأحزاب إلى غزوة حُنين.
4. مرحلة التكامل
وكانت هذه المرحلة من فترة غزوة حُنين إلى أن نزل قول الله سبحانه وتعالى: "اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا".[١٧]
المراجع
- ↑ أبي الحسن الندوي 158، كتاب السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، صفحة 158. بتصرّف.
- ↑ " رضاعة النبي صلى الله عليه وسلم "، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ "قصة ميلاده، صلى الله عليه وسلم"، الألوكة. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:5453، صحيح.
- ↑ " عمل النبي صلى الله عليه وسلم بالرعي والتجارة "، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية:1-4
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، صحيح.
- ↑ سورة المدثر، آية:1-5
- ↑ " بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته ووفاته"، الألوكة. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:214
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 197. بتصرّف.
- ↑ "السيرة النبوية - (6) الدعوة في مرحلتها السرية"، طريق الإسلام. بتصرّف.
- ↑ "مرحلة الدعوة الجهرية في مكة"، قصة الإسلام. بتصرّف.
- ↑ "الميقات الزمني لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ↑ "دلائل النبوة قبل البعثة "، طريق الإسلام. بتصرّف.
- ↑ " نبذة مختصرة لهجرة الرسول وأصحابه"، الألوكة. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:3