تشريع الأذان

شُرّع الأذان في عهد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد كان المسلمين قبل تشريعه يذهبون إلى المسجد للصلاة دون النداء لها، فكان ذلك سبباً في فوات الصلاة على بعضهم، حتى اجتمع الصحابة مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليتباحثوا في الأمر، فكان اقتراح أحد الصحابة بأن يتَّخذوا شيئاً مثل جرس النصارى أو بوق اليهود ليذكّرهم بموعد الصلاة، فكره النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك، حتى أجمعوا على أن يبعثوا من ينادي فيهم إذا دخلت الصلاة فيدعو لها بقوله: الصلاة، الصلاة، إلى أن رأى الصحابي عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- الأذان في المنام، فأسرع إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأخبره بذلك، فبشّره رسول الله بأنَّها رؤيا حق، وطلب منه أن يخبر بلال -رضي الله عنه- ليؤذن به.[١]


كم عدد المؤذنين في زمن الرسول؟

يذكر أهل السير أنَّ عدد المؤذنين في عهد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان ثلاثة مؤذنين، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةُ مُؤذِّنين : بلالٌ وأبو محذورةَ ، وابنُ أمِّ مكتوم)،[٢] وقيل أنّه كان هناك مؤذن رابع وهو سعد القرظ، فكان مؤذناً في مسجد قباء،[٣] وفيما يأتي نبذة عن كل مؤذن منهم.


بلال بن رباح

بلال بن رباح، ويُكنّى بأبي عبد الكريم، وقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عمرو، وأمه حمامة، وهو مولى أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، كان من السابقين إلى الإسلام، وقد شهد بدراً والمشاهد كلها،[٤] وهو أول من أذّن لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولمَّا فُتحت مكة المكرمة سنة ثمانٍ للهجرة، صعد بلال بن رباح -رضي الله عنه- على ظهر الكعبة، وصدح بالأذان مُعلناً هزيمة المشركين الذين حاربوا الأذان والإسلام، ولم يؤذن بعد وفاة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لأحد من الخلفاء، حتى جاءت خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفتح الشام، فطلب من بلال أن يؤذن، فأذن -رضي الله عنه- وأبكى المسلمين.[٥][٦]


أبو محذورة

هو أبو محذورة سلمان -رضي الله عنه-، أسلم يوم الفتح، وكان قد طلب من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يؤذن مع بلال -رضي الله عنه- فوافق رسول الله على ذلك، فكان -رضي الله عنه- يُؤذن لصلاة الفجر، ولمَّا هاجر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى مكة المكرمة، كان يؤذّن لجميع الصلوات، ويقول: "لولا الأذان لهاجرت".[٧]


ابن أم مكتوم

هو عمرو بن أم مكتوم، أحد المهاجرين الأولين، كان مؤذن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، توفي -رضي الله عنه- في آخر خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[٨]


سعد القرظ

وهو سعد بن عائذ مولى عمار بن ياسر، كلّفه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالأذان في مسجد قباء، ثمَّ أذّن -رضي الله عنه- لمَّا ترك بلال الأذان بالمسجد النبويّ، وبعد وفاته ورث المهنة أبناءه -رضي الله عنهم أجمعين-.[٩]


المراجع

  1. محمد بن صامل السلمي، كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر صلى الله عليه وسلم، صفحة 177. بتصرّف.
  2. رواه أبو بكر بن إسحاق الصبغي، في السنن الكبرى، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:429، حديث صحيح.
  3. "مؤذنو الرسول صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 18/10/2004، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2021. بتصرّف.
  4. ابن الأثير، أبو الحسن، كتاب أسد الغابة، صفحة 243. بتصرّف.
  5. القسطلاني، كتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 558. بتصرّف.
  6. عبد اللطيف سلطاني، كتاب في سبيل العقيدة الإسلامية، صفحة 140. بتصرّف.
  7. البلاذري، كتاب أنساب الأشراف للبلاذري، صفحة 267. بتصرّف.
  8. أبو أسماء محمد بن طه، كتاب الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية، صفحة 647. بتصرّف.
  9. المقريزي، كتاب إمتاع الأسماع، صفحة 135. بتصرّف.