اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ثلاث مرات، وبين فضل العمرة وعِظم أجرها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ"،[١] وهذا قول الإمام مالك، أما من قالوا بأنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع مرات، فكانوا قد احتسبوا عمرة الحديبية التي لم تتم، ومن المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم حج حجة واحدة فقط، وسنتحدث عن عمرات النبي صلى الله عليه وسلم في مقالنا هذا.


عمرات النبي صلى الله عليه وسلم

عمرة الحديبية التي لم تتم

رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أنه دخل مكة المكرمة معتمرًا، دون أن يُحدد زمان هذه الرؤيا، فأذن مؤذن في الناس أن رسول الله معتمر، وكان ذلك في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، فخرج معه 1500 من الصحابة لأداء مناسك العمرة، وفي قلبهم شوق وحنين إلى مكة التي خرجوا منها مهاجرين، ومضى على فراقهم لأرضها قرابة 6 سنوات، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الهدي حتى يبين أنه ليس خارجًا للقتال، وقد بعث صلى الله عليه وسلم خراش الخزاعي ليتحسس أمر قريش التي آذته وعقرت جمله وأرادت قتله، وكانت قريش قد أعدت العدة للقتال، وحين وصلوا أعتاب مكة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ليتفاوض مع قريش، ونتج عن ذلك صلح سمي بصلح الحديبية الذي جاء من شروطه عودة المسلمين للعمرة العام القادم، وقد تحلل النبي صلى الله عليه وسلم من إحرامه بالنحر والحلق، وعاد للمدينة ولم يُتمّ مناسك عمرته.[٢]


عمرة القضاء

خرج النبي صلى الله عليه وسلم لأداء هذه العمرة في ذي القعدة من العام السابع للهجرة، وهو العام الذي يلي صلح الحديبية، وذلك كما اتفق مع المشركين أن يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة أيام شريطة ألا يحمل معه السلاح إلا السيوف في أغمادها، وكان عدد من خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم 2000 من الصحابة، وقد عين مجموعة من المسلمين لحراسة أسلحتهم على مشارف مكة؛ تحسبًا لغدر قريش وأتم عمرته في مكة وعاد مع الناس إلى المدينة.[٣]


عمرة الجعرانة

وقد كانت هذه العمرة في السنة الثامنة للهجرة بعد غزوة حنين، ولم يعلم بها الكثير من الناس؛ إذ خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد توزيع غنائم غزوة حنين، إذ وزعت الغنائم في منطقة الجعرانة وهي منطقة تقع بين مكة والطائف، وكذلك هي ميقات للعمرة لأهل الطائف، فأدى صلى الله عليه وسلم مناسك العمرة وعاد إلى المدينة.[٤]


عمرة مع حجة الوداع

وقد كانت بعد فتح مكة في العام العاشر للهجرة، بعد أن فُرض الحج على الناس؛ فقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة مع الحج، وكانت هذه الحجة الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم والعمرة الثالثة له، وقد أتم أركانها وخطب بالناس خطبة وضع فيها أهم القواعد التي بنيت عليها الدولة الإسلامية، وسميت هذه الخطبة بخطبة الوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ودع الناس حينها.[٥]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  2. أبو الحسن الندوي، كتاب السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، صفحة 377 - 381. بتصرّف.
  3. "عمرة القضاء فوائد وحِكم"، إسلام ويب. بتصرّف.
  4. لأبي الحسن الندوي، كتاب السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، صفحة 479. بتصرّف.
  5. "حجة الوداع"، إسلام ويب . بتصرّف.