سبب تسمية خطبة الوداع بهذا الاسم

سميت خطبة الوداع بهذا الاسم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودّع الناس بالوصايا التي أوصاهم بها في الخطبة، فقد علّمهم في خطبته أمر دينهم، وأوصاهم فيها بتبليغ الشرع لكل من غاب عنها،[١] وأكد التوديع بإشهاد الله -تعالى- عليهم بأنهم شهدوا أنه قد بلغ ما أرسل إليهم به، وكان يقول أثناء أدائه لمناسك الحج: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه)،[٢]وكانت خطبة الوداع آخر لقاء بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وجموع المسلمين، فقد كانت حجة الوداع في العام العاشر للهجرة، وتوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة.[٣][٤]


القضايا التي أشار إليها النبي في خطبة الوداع

أرسى النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع معالم الدين الإسلامي، وحدّد للأمة الإسلامية هويتها وشخصيتها، وبيّن مبادئ الدين وأصوله، ووضع الأسس والقواعد التي فيها صلاح الناس في دنياهم وأخراهم، فيهتدون ويسيرون بها في حياتهم، وفيما يلي ذكر أهمها:[٥][٦]


حرمة الدماء والأموال في الإسلام

أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع على حرمة سفك الدماء بغير حق، وحرمة أكل الأموال بالباطل، فإن القتل وأكل الأموال بغير الحق من أشد المحرّمات وأكبر الكبائر، جاء في الخطبة قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا).[٧]


إبطال كل ما كان في الجاهلية

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته ببطلان كل ما كان في الجاهلية من أفعال وأمور سيئة، التي لا يقبلها الإسلام ولا توافق آدابه وأخلاقه، مثل أكل ربا، والثأر، وغيره، فهي باطلة مردودة لا اعتبار لها، وتحرم على المسلمين، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَا كُلُّ شَيءٍ مِن أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ، كانَ مُسْتَرْضِعًا في بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا؛ رِبَا عَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فإنَّه مَوْضُوعٌ كُلُّهُ).[٨]


الوصية بالنساء

أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم - في خطبته بالنساء، بإحسان إليهنّ، ومعاشرتهن بالمعروف، وبيان ما لهنّ من حقوق وما عليهنّ من واجبات، قال -عليه الصلاة والسلام-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ؛ فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عليهنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ).[٨]


التمسّك بالقرآن والسنة

ختم النبي -صلى الله عليه وسلم- خطبته وصية الأمة بالاعتصام بالقرآن الكريم والسنة النبوية، مبيّناً أن طريق العزة والتمكين لا يكون إلا بالتمسك بهما، وأنهما سبيل الحفظ والأمان من الضلال والزيع، قال -عليه الصلاة والسلام-: (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إنِ اعْتَصَمْتُمْ به؛ كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَما أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قالوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقالَ بإصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إلى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إلى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).[٨]


المراجع

  1. "سبب تسمية حجة النبي صلى الله عليه وسلم بـ (حجة الوداع)"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2022. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1297، صحيح.
  3. "خطب النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2022. بتصرّف.
  4. عبد الله الخياط، ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه، صفحة 124. بتصرّف.
  5. حسن أبو الأشبال الزهيري، دروس الشيخ حسن أبو الأشبال، صفحة 3-7. بتصرّف.
  6. "تأملات في خطبة الوداع"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 28/6/2022. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:7078، صحيح.
  8. ^ أ ب ت رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.