الإسراء والمعراج

تعدّ حادثة الإسراء والمعراج معجزةً من معجزات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذ شكّلت منعطفاً مهمّاً في سيرته، كما فُرضت الصلاة في تلك الرحلة،[١] وقد تعدّدت أقوال العلماء في تحديد زمان حدوثها والمشهور من الروايات أنّها وقعت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من السنة الثانية عشرة للبعثة النبوية.[٢]


كيف كانت الصلاة قبل الإسراء والمعراج؟

عُرفت الصلاة أول عهد النبوة قبل فرضها ليلة الإسراء والمعراج، فالثابت أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه -رضي الله عنهم- كانوا يصلّون أول الدعوة سرّاً،[٣][٣] وإنّما اختُصّت ليلة الإسراء والمعراج بفرض الصلوات الخمس، إذ فُرض قيام الليل أول الأمر، ثمّ فُرضت ركعتين أول النهار وركعتَين آخره كما سيأتي بيانه:[٤]

  • قيام الليل: كانت الصلاة المعروفة هي صلاة قيام الليل من غير تحديدٍ لعدد الركعات، كما ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت عن سورة المزمّل التي نصّت على قيام الليل: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ افترضَ قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِ هذِهِ السُّورةِ فقامَ نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حولًا حتَّى انتفخَت أقدامُهم وأمسَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ خاتمتَها اثنَى عشرَ شَهرًا ثُمَّ أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ التَّخفيفَ في آخرِ هذِهِ السُّورةِ فصارَ قيامُ اللَّيلِ تطوُّعًا بعدَ أن كانَ فريضةً).[٥]
  • ركعتَين أول النهار وركعتَين آخره: نُسخ فرض قيام الليل على المسلمين ثمّ جُعلت الصلاة عليهم ركعَتَين أوّل النهار وركعَتَين آخره، وذلك تفسير قول الله -تعالى-: (وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها)،[٦] واستدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ).[٧]


فرضية الصلاة

فُرضت الصلاة في السماء ليلةِ الإسراء والمعراج في مكة المكرّمة، قبل هجرته -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة، وكانت في بدايةِ فرضِها خمسين صلاةً، وبقيَ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُراجعُ الله -تعالى- بناءً على كلامِ موسى -عليه السلام- له، حتى أصبحت خمسُ صلواتٍ، وتعادل خمسينَ صلاةً بالأجر والثواب، رحمةً وفضلاً من الله -تعالى-،[٨] والخمس هنّ: صلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء، وصلاة الفجر.[٩]


الحكمة من فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج

فُرضت الصلاة في زمانٍ خاصٍ وكيفيةٍ مخصوصةٍ للعديد من الدلالات والحِكم التي يُذكر منها:

  • الدلالة على عِظم شأنها.[١٠]
  • فَرض الله -تعالى- الصلاة على نبيّه -عليه السلام- من غير وحيٍ أو واسطة دلالة على أهميتها وفضلها وأنّها صِلةٌ للعبد بربّه.[١١]
  • فُرضت الصلاة في رحلة الإسراء والمعراج التي جاءت بعدما تكاثرت الأحزان والهموم على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ليدلّ ذلك على أنّ الصلاة سببٌ لإزالة الهموم عن العباد، كما كانت حادثة الإسراء والمعراج سبباً في تسلية النبيّ وتثبيته.[١٢]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 52. بتصرّف.
  2. محمد طيب النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 153. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 525. بتصرّف.
  4. أبو شامة المقدسي، شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى، صفحة 194-195. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن سعد بن هشام، الصفحة أو الرقم:1600، صحيح.
  6. سورة طه، آية:130
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:350، صحيح.
  8. زين الدين محمد المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، صفحة 425. بتصرّف.
  9. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 163. بتصرّف.
  10. أحمد بن عبد الفتاح زواوي، شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 108. بتصرّف.
  11. محمد بني طه (24-4-2017)، "وقفات مع فرض الصلاة"، دار الافتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 25-8-2021. بتصرّف.