رفق الرسول بالحيوانات

لقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- شديد الاهتمام بالحيوانات، وكان يوصي دائماً بالرفق بها، وعدم إيذائها، وقد رسم منهجاً راقياً للتعامل مع الحيوان، سبق به جميع الأمم، وتفوّق به على كل الحضارات، ولم تصل الحضارة الحديثة لذلك المستوى المتقدّم من الرفق والرحمة، وصورُ رفقِ الرسول بالحيوانات كثيرة جداً، ومن ملامح ذلك المنهج النبوي العظيم عدّة مبادئ منها؛ وجوب إطعام الحيوان وسقيه، وأن ذلك سبب لمغفرة الذنوب وزيادة الحسنات، ومن ذلك ما جاء في الحديث: (مرَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ببعيرٍ قد لحِقَ ظَهْرُهُ ببطنِهِ فقالَ اتَّقوا اللَّهَ في هذهِ البَهائمِ المعجَمةِ فاركَبوها صالِحةً وَكُلوها صالحةً)،[١] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ)،[٢] النهي عن حبس الحيوان، ومن ذلك ما جاء في الحديث: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ)،[٣] الحضّ على الرفق والرحمة أثناء استخدام الحيوان، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سافَرْتُمْ في الخِصْبِ، فأعْطُوا الإبِلَ حَظَّها مِنَ الأرْضِ، وإذا سافَرْتُمْ في السَّنَةِ، فأسْرِعُوا عليها السَّيْرَ، وإذا عَرَّسْتُمْ باللَّيْلِ، فاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ، فإنَّها مَأْوَى الهَوامِّ باللَّيْلِ)،[٤] النهي عن اتخاذ الحيوانات هدفاً للرمي، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَتَّخِذُوا شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا).[٥][٦]


ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام

كانت الناقة رفيقة درب النبي -صلى الله عليه وسلم- وحاضرةً معه في أهم الأحداث، وذلك لقوتها وشدّة تحملها، فهي وسيلة سفره، وعتادُ حربه، ومنبرُه، ومن أهم أسماء ناقة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ما يأتي:[٧]


القصواء

كانت ناقةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- تسمى القصواء، ومعنى القصواء؛ التي قُطع طرف أُذنها، وهي الناقة التي هاجر عليها، والتي عاد بها إلى مكة فاتحاً، جاء في الحديث: (طافَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَى راحلَتِهِ القَصواءِ يومَ الفَتحِ).[٨][٧]


الجدعاء

ورد في السنة أنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- ناقةٌ أخرى تسمى الجدعاء، أي التي قُطع أنفها أو أذنها من الجدع، جاء في الحديث: (وهو يَخطُبُ الناسَ على ناقَتِه الجَدْعاءِ)،[٩] وقيل بأنَّ القصواء والجدعاء اسمان لناقة واحدة.[٧]


العضباء

ورد في السنة أنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- ناقة ثالثة تسمى العضباء، والعضباء هي مشقوقة الأذن،[١٠] جاء في الحديث: (كانَتْ ناقَةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقالُ لها العَضْباءُ)،[١١] ولم يكن في نوق النبي -صلى الله عليه وسلم- أي عيب، وإنما هي مجرد ألقاب.[٧]


الحيوانات التي كان يمتلكها الرسول عدا الناقة

امتلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته عدداً من البهائم والأنعام، كان بعضها يُهدى إليه، وبعضها مما اغتنمه، وبعضها الآخر مما اشتراه بماله، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتني بتلك الحيوانات، ويستخدم بعضها للركوب والقتال، فكان لديه من الخيول سبعة، وكانت لها أسماء، هي: السَّكْبُ والمُرْتَجَزُ واللُّحَيْفُ واللِّزَازُ والظَّرِبُ وسَبْحَةُ والْوَرْد، وكانت لديه أربعة بغال، كانت إحداها تسمى دُلدُل، وأخرى تسمى فضة، وكان لديه من الحمير ثلاثة، أحدها يسمى عُفير، وكانت لديه خمس وأربعون لقْحَة وهي الناقة الحلوب، وكانت لديه مائة شاة كلما ولدت منها واحدةٌ ذبح مكانها واحدة، وكانت لديه سبع أعنز، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكتنز تلك الأموال ولم يدخرها، وإنَّما كان يتصدق بها وينفقها في سبيل الله، ومات ولم يترك خلفه شيئاً منها، جاء في الحديث: (ما تَرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا أَوْصَى بشيءٍ).[١٢][١٣]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن سهل ابن الحنظلية الأنصاري، الصفحة أو الرقم:2548، حديث صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2466، حديث صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3318، حديث صحيح.
  4. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:1926، حديث صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1957، حديث صحيح.
  6. أ.د. حسن عبه جي (16/12/2015)، "الرفق بالحيوان في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث رقم الفتوى: 15083 (9/4/2002)، "اسم ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2021. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:719، حديث إسناده صحيح.
  9. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن الدارقطني، عن أبي أمامة، الصفحة أو الرقم:2759، حديث صحيح.
  10. "تعريف و معنى العضباء في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 13/6/2021. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2871، حديث صحيح.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1635، حديث صحيح.
  13. ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 128. بتصرّف.