بعثة رسول الله

بعث الله -سبحانه وتعالى- رسوله محمداً -صلّى الله عليه وسلم- خاتم الرسل والأنبياء، بالدين الخاتم الخالد إلى يوم القيامة، دين الإسلام الذي ارتضاه الله -تعالى- للبشر جميعاً، ليخرجهم من الظلمات التي كانوا يغرقون فيها -ظلمات الجهل والشرك والكفر والظلم- إلى نور الهداية والإيمان، فجاء محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- مبشراً ونذيراً، يبشر الناس بالإيمان والرحمة والجنة، وينذرهم من الكفر والعصيان وعذاب النار، ويدلهم على كل خير وهدى، ويأمرهم بتوحيد الله -تعالى- وإفراده بالعبادة، ويحذرهم من الإشراك به، قال -تعالى-: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}،[١] فالرسول -صلّى الله عليه وسلم- رحمةٌ مرسلةٌ من الله -تعالى- للناس جميعاً، قال -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ* قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ}.[٢][٣]


تاريخ بعثة رسول الله

رجحت بعض كتب السيرة أنَّ تاريخ البعثة النبوية كان في سنة 610 للميلاد، وأنَّه كان في يوم الاثنين في شهر رمضان، لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}،[٤] ولما جاء في الحديث النبوي: (وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)،[٥] وقد كان عُمْر النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعثته أربعين عاماً، وقد نزل عليه جبريل الأمين وهو في غار حراء، حيث كان يخلو بنفسه هناك، ويتفكر في مخلوقات الله -تعالى- ويتعبده وحده، وكان قد مضى عليه ثلاث سنوات وهو يتعبد في حراء، وكان أول ما نزل عليه من الوحي قوله -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.[٦][٧]


مراحل بعثة رسول الله

تنقسم البعثة النبوية في تاريخها إلى عهدين أساسيين، لكل منهما أحداثه وطبيعته وخصوصيته، وهما العهد المكي والعهد المدني، وفيما يأتي بيان لمحة عنهما:[٨]


العهد المكي

وقد بدأ هذا العهد في مكة المكرمة بعد نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت الدعوة إلى الإسلام في بداية الأمر تتم بشكل سري، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو أهله وأقاربه وأصدقاءه إلى الإسلام سراً، واستمر هذا الحال ثلاث سنوات، حتى نزل الأمر الإلهي بالجهر بالدعوة، قال -تعالى-: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}،[٩] فجهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدعوته، ودعا قومهُ إلى الإسلام، لكنهم رفضوا ذلك وحاربوه وآذوه، وبدأوا بالتضييق على المسلمين وصب العذاب عليهم، وكان المسلمون يعانون من الضعف وقلة العدد، واستمرت هذه المرحلة ثلاث عشرة سنة.[١٠]


العهد المدني

وبدأ هذا العهد بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من مكة إلى المدينة المنورة، واستمر عشر سنوات حتى وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه قوي الإسلام وانتشر في الأرض وانتصر، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وأسس النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه نواة الدولة الإسلامية، وأنشأ مجتمعاً فاضلاً تسوده الأخوة والمحبة والتراحم، فقد آخى بين المهاجرين والأنصار، وقضى على العصبية الجاهلية، وجعل الناس سواسية، لا فرق بينهم ولا تميز إلا بالتقوى والإيمان.[١١]


المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:158
  2. سورة الأنبياء، آية:107-108
  3. الإمام ابن باز، "صفة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 20/5/2021. بتصرّف.
  4. سورة القدر، آية:1
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:1162، حديث صحيح.
  6. سورة العلق، آية:1
  7. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 56. بتصرّف.
  8. المباركفوي، الرحيق المختوم، صفحة 64. بتصرّف.
  9. سورة الحجر، آية:94
  10. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 291. بتصرّف.
  11. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 13. بتصرّف.