عمر سيدنا محمد عندما نزل عليه الوحي

إنّ نزول الوحي بالرّسالة على النّبي -صلى الله عليه وسلم- كان بعدما أتمّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- سنّ الأربعين،[١] وهذا ما اتفق عليه أهل العلم والسير، والحكمة من نزول الوحي بعد بلوغ سنّ الأربعين لأنّها -والله أعلم- مرحلة الكمال والنضج البدني والعقلي.[٢]


كيف كان بدء نزول الوحي على النّبي -عليه الصلاة والسلام-؟

كان أول ما بدأ به من الوحي على النّبي -عليه الصلاة والسلام- هو الرؤيا الصالحة، فكان النّبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرى رؤيا إلا وجاءت كفلق الصبح كما رآها في منامه، ثم حُبّب إليه الخلاء بنفسه بعد ذلك فكان يخلو في غار حراء، ويتعبّد الله تعالى الليالي فالليالي حتى جاءه الحق؛ فتمثل له جبريل -عليه السلام- ولقنّه عن ربّه آيات كانت أوّل ما نزل من القرآن، فقال للنّبي -عليه السلام-: اقرأ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجيبه: ما أنا بقارئ، فكررها عليه ثلاث مرات وكان يضمّه إلى صدره حتى يبلغ منه الجهد، وكان النبي - عليه السلام- يُجيب في كل مرة ما أنا بقارئ، ثم تركه في المرة الثالثة، وألقى عليه آيات كانت أوّل ما نزل من القرآن، وهي قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}،[٣] وبهذه الآيات الكريمة بدأ نزول الوحي على نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم-.[٤]


حال النّبي بعد نزول الوحي وموقف خديجة

رجع النّبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته خائفًا يرتجف فؤاده بعدما رأى جبريل -عليه السلام- وهَوْل ما حصل معه، فلمّا دخل على خديجة -رضي الله عنها- وهو ينادي زمّلوني زمّلوني، أي لفوني بالثياب، ففعلت حتى هدأ روعه وسكن، وأخبر خديجة الخبر وما حصل معه، فكانت رضي الله عنها مثالًا للمرأة العاقلة والزوجة الصالحة، فطمأنته وقالت له: (كَلّا أبْشِرْ، فَواللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ)،[٥] ثم انطلقت به إلى عمّها ورقة بن نوفل، وكان رجلًا كبيرًا كان قد تنصّر في الجاهلية ويكتب الإنجيل بالعبرانية، فسمع من النّبي -صلى الله عليه وسلم- ما حصل معه تلك الليلة وما رأى فيها، فأخبره ورقة بن نوفل أنّ الذي رآه هو الناموس الذي أُنزل على موسى -عليه السلام-، وكانت فترة الوحي قرابة الثلاث سنوات، قوِي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- واشتد فيها شوقه وحنينه، ثم حَمِي الوحي بعد ذلك وتتابع، وبلّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوة ربّه حيث أمره بدعوة الناس لعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام.[٤]


المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 55. بتصرّف.
  2. %1$s&ampshare=https://www.islamweb.net/ar/fatwa/79540/ "نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.
  3. سورة العلق، آية:1-5
  4. ^ أ ب محمد بن ابراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام، صفحة 16-18. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:160، حديث صحيح.