عدد معجزات الرسول محمد

أيّد الله -سبحانه وتعالى- النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعديد من المعجزات والبيّنات؛ التي دلت على صدق نبوته وبعثته؛ وأنّه مرسل مؤيد من الله -تعالى-، ولقد كانت معجزات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- تفوق معجزات الأنبياء السابقين -صلوات الله عليهم-، من حيث العدد والأهمية؛ فقد قابلت معجزاته معجزات العديد من الأنبياء، فمثلاً قابلت معجزة تسبيح الحجر بين يدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، معجزة النبي داود -عليه السلام- الذي سبّحت معه الجبال والطيور.[١]


كما قابلت معجزة إبراء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لعدد من الأمراض والأوجاع، إبراء الأكمه والأبرص التي أجراها الله -تعالى- على يد النبيّ عيسى -عليه السلام-، ونحو ذلك كثير فصّل فيه بعض أهل العلم؛ لذا ذهبوا إلى أنّ معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة متعددة؛ أكثر من أن تُحصى أو تُحصر في عدد معين.[١]


بعض معجزات الرسول محمد

جمع الكثير من المؤلفين والمصنفين في كتبهم ومصنفاتهم عدداً من معجزات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ودللوا عليها، وردّوا على منكريها؛ ونذكر بعض هذه المعجزات الحسيّة على سبيل المثال لا الحصر كما أشرنا آنفاً على النحو الآتي:


انشقاق القمر

ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنّه قال عن حادثة انشقاق القمر: (إنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فأرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حتَّى رَأَوْا حِرَاءً بيْنَهُمَا)،[٢] وقد نزل قوله -تعالى- مصداقاً لهذه الواقعة؛ فقال -سبحانه وتعالى- في سورة القمر: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ).[٣][٤]


انقياد الشجرة

شهد الصحابي الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- مشهداً عجيباً مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد خرجوا ذات يوم مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونزلوا في وادٍ وسيع مكشوف؛ فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستتر ليقضي حاجته، فلم يجد سوى شجرتين في الوادي؛ فذهب إلى الأولى، ومسك بغصنٍ منها وقال لها: (... انْقَادِي عَلَيَّ بإذْنِ اللهِ؛ فَانْقَادَتْ معهُ كَالْبَعِيرِ المَخْشُوشِ، الذي يُصَانِعُ قَائِدَهُ...).[٥][٦]


ثم سار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الشجرة الأخرى ومسك بغصنها، وقال لها كما قال للشجرة الأولى؛ فانقادت له، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: (... التَئِما عَلَيَّ بإذْنِ اللهِ فَالْتَأَمَتَا...)،[٥] ولمّا انتهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عادت الشجرتان إلى مكانهما مفترفتين.[٦]


نبع الماء من بين أصابع النبي

ثبت في الصحيح أنّ الصحابة الكرام كانوا في سفر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم؛ فقلّ الماء عليهم، ولم يعد يكفي جموعهم للشرب والوضوء؛ فجاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بما بقي معهم من الماء؛ فخلل -صلى الله عليه وسلم- أصابعه في الماء حتى فاض وكثُر، وكفى الصحابة كلّهم، وقد كان عددهم يومئذ ألف وأربعمئة.[٧]


وفي هذا صحّ عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (... كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقالَ: اطْلُبُوا فَضْلَةً مِن مَاءٍ، فَجَاؤُوا بإنَاءٍ فيه مَاءٌ قَلِيلٌ، فأدْخَلَ يَدَهُ في الإنَاءِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، والبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِن بَيْنِ أصَابِعِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-...).[٨][٧]


تكثير الطعام

أكرم الله -سبحانه- نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- بالخيرات وزيادة البركات؛ ومن ذلك ما صحّ في قصة تكثيره الطعام في فترة شاع فيها الجوع، وقلة المؤونة بين الصحابة -رضوان الله عليهم-، حتى كان يظهر ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- وضعف صوته، فلمّا رأى أبو طلحة -رضي الله عنه- حال النبي -صلى الله عليه وسلم- انطلق إلى بيته، وسأل زوجته أن تأتيه بما عنده من طعام؛ فأتته ببعض الخبز، وقد لفّته بقطعة قماش لإخفاء قلّته.[٩]


وبعث أبو طلحة أنس بن مالك -رضي الله عنهما- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فظلّ أنس ينتظر خروج أصحاب النبي من عنده حتى يأتيه بالخبز؛ فلمّا رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله إن كان أبو طلحة قد أرسله بطعام؛ فأجابه أنس بأنّه كذلك؛ فانطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيت أبي طلحة، وقد دعا من معه للطعام، ولمّا دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي طلحة طلب من زوجته أم سليم أن تأتيه بما عندها من خبز.[٩]


ثم قام -صلى الله عليه وسلم- بتفتيته، وجعله قطعاً صغيرة، وصنعت أم سليم عُكة -سمن وعسل-، لتضع فيه الفتات، فيصير طعاماً يسدّ جوع القوم، ويصفّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- ما حدث بعد ذلك من الخير والبركة؛ فيقول: (... ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فيه ما شَاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ، ثُمَّ قالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فأذِنَ لهمْ، فأكَلُوا حتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فأذِنَ لهمْ، فأكَلُوا حتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فأذِنَ لهمْ، فأكَلُوا حتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فأكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وشَبِعُوا، والقَوْمُ سَبْعُونَ أوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا).[١٠][٩]


القرآن الكريم المعجزة الخالدة

جعل الله -سبحانه- نبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ختام النبوات، والرسالات السماويّة؛ لذلك أيّده -سبحانه- بمعجزة القرآن الكريم الخالدة، والباقية إلى أن تقوم الساعة؛ لتقيم الحجّة على الأجيال اللاحقة بصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وربانية رسالته؛ فكان القرآن الكريم من أعظم الخوارق والبيّنات؛ إذ كان كل نبيّ يأتي قومه بالبينات والمعجزات التي تنتهي بانتهاء زمانه ودعوته؛ ولا تنفك عنه من بعده؛ بحيث تبقى بين الناس دون هذا النبي المرسل.[١١]


إلا أنّ الله -سبحانه- أكرم نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بمثل معجزات أنبيائه؛ وزاده وشرّفه بالقرآن الكريم؛ المحفوظ من التبديل والتغيير، المصدق لجميع الرسالات والنبوات السابقة، الجامع لأحكام التشريع، والشاهد على صدق المرسلين؛ فكان القرآن أعظم المعجزات إطلاقاً.[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الفتاح محمد محمد سلامة، أضواء على القرآن الكريم (بلاغته وإعجازه)، صفحة 92. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3868، صحيح.
  3. سورة القمر، آية:1
  4. ابن كثير، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 25. بتصرّف.
  5. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:3012، صحيح.
  6. ^ أ ب ابن كثير، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، صفحة 61. بتصرّف.
  7. ^ أ ب سعد المرصفي، الجامع الصحيح للسيرة النبوية، صفحة 1471-1472، جزء 4. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3579، صحيح.
  9. ^ أ ب ت محمد سليمان المنصورفوري، رحمة للعالمين، صفحة 732. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3578، صحيح.
  11. ^ أ ب مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن، صفحة 30. بتصرّف.