جابر بن عبد الله

هو أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي، وُلد في السنة السادسة عشر قبل الهجرة، أسلم وهو صبي، وشهد بيعة العقبة مع سبعين من الأنصار، استشهد والده في غزوة أحد، وتركه صبياً قد ضاقت به الحياة، ولكنَّ ذلك لم يمنعه من طلب العلم، فسمِع من الكثير من كبار الصحابة، وروى الكثير من أحاديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فكان في زمانه فقيهاً ومفتياً في المدينة،[١] وكان من أشهر الرواة، يُذكر أنَّه قد روى ألفاً وخمسمائةٍ وأربعين حديثاً، أمه هي نسيبة بنت عقبة بن عدي، أصيب في آخر عمره بالعمى، وتوفي -رضي الله عنه- وعمره أربع وتسعون عاماً، وصلّى عليه أمير المدينة آنذاك وهو أبان بن عثمان، وهو آخر من توفي في المدينة ممن شهدوا بيعة العقبة.[٢]


كم عدد غزوات جابر بن عبد الله مع الرسول؟

كان جابر بن عبد الله صاحب باع طويل في جهاده مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فلم يتخلف عن الغزوات مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قط، عدا غزوة بدر وغزوة أحد، فقد غزا معه تسع عشرة غزوة، وكان قد منعه والده من المشاركة في بدر وأُحد، فخرج هو للجهاد وترك جابرًا مع أخواته السبع، وبعد أن استشهد والده في أُحد أصبح يخرج للجهاد مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولا يتخلّف عنه، رُوي عنه -رضي الله عنه- أنَّه قال: (غَزَوْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قالَ جَابِرٌ: لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَا أُحُدًا مَنَعَنِي أَبِي، فَلَمَّا قُتِلَ عبدُ اللهِ يَومَ أُحُدٍ، لَمْ أَتَخَلَّفْ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةٍ قَطُّ).[٣][٤]


أشهر غزوات جابر بن عبد الله

حمراء الأسد

بعد أن وقعت غزوة أحد يوم السبت في النصف من شوال، أذّن مؤذن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للجهاد في اليوم التالي، ونادى بأن لا يخرج للجهاد إلا من شهد بالأمس غزوة أُحد، فاستأذن جابر -رضي الله عنه- النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للخروج معهم فأذن له، فقد كان تخلّف لعذر، فخرج بالرغم من حزنه الشديد على أبيه، وكان خروجه إرهاباً للأعداء، وإظهاراً لهم بأنَّ ما يصيب المسلمين لا يوهنهم ولا يضعفهم عن حمل رسالتهم، والجهاد في سبيل الله.[٥]


ذات الرقاع

في طريق عودة النبي ـصلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه من غزوة ذات الرقاع، كان جابر بن عبد الله يركب جملاً ضعيفاً، فكان الجميع يسبقه، وكان من عادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يتفقّد شؤون أصحابه ويُظهر لهم حُبّه واهتمامه، فرجع إلى جابرٍ وسأله عن سبب تأخره، فأخبره بأنَّ جمله بطيء وضعيف، فأمره رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يُنيخ جمله ففعل، ثمَّ طلب عصاً فنغزه بها ليمشي، وأمرَ جابراً أن يركبه، فإذا هو أصبح يسابق ناقة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ثمَّ اشتراه من جابر بأُوقيةً وأهداه إياه،

ثمَّ يروي جابر تتمّة الحديث بينهما بأنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سأله قائلاً: (تَزَوَّجْتَ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: بكْرًا أمْ ثَيِّبًا قُلتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قالَ: أفلا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وتُلَاعِبُكَ قُلتُ: إنَّ لي أخَوَاتٍ، فأحْبَبْتُ أنْ أتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وتَمْشُطُهُنَّ، وتَقُومُ عليهنَّ).[٦][٧]


غزوة الخندق

اشتهرت قصة جابر بن عبد الله يوم الخندق باسم وليمة الخندق، ويروي جابر -رضي الله عنه- القصة بنفسه يقول: (إنَّا يَومَ الخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالوا: هذِه كُدْيَةٌ عَرَضَتْ في الخَنْدَقِ، فَقَالَ: أنَا نَازِلٌ. ثُمَّ قَامَ وبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بحَجَرٍ، ولَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أيَّامٍ لا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فأخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أهْيَلَ -أوْ أهْيَمَ- فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لي إلى البَيْتِ، فَقُلتُ لِامْرَأَتِي: رَأَيْتُ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا، ما كانَ في ذلكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَيءٌ؟ قَالَتْ: عِندِي شَعِيرٌ وعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ العَنَاقَ، وطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، والبُرْمَةُ بيْنَ الأثَافِيِّ قدْ كَادَتْ أنْ تَنْضَجَ، فَقُلتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ ورَجُلٌ أوْ رَجُلَانِ، قَالَ: كَمْ هو؟ فَذَكَرْتُ له، قَالَ: كَثِيرٌ طَيِّبٌ، قَالَ: قُلْ لَهَا: لا تَنْزِعِ البُرْمَةَ، ولَا الخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حتَّى آتِيَ، فَقَالَ: قُومُوا. فَقَامَ المُهَاجِرُونَ والأنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ علَى امْرَأَتِهِ قَالَ: ويْحَكِ! جَاءَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ ومَن معهُمْ، قَالَتْ: هلْ سَأَلَكَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: ادْخُلُوا ولَا تَضَاغَطُوا. فَجَعَلَ يَكْسِرُ الخُبْزَ، ويَجْعَلُ عليه اللَّحْمَ، ويُخَمِّرُ البُرْمَةَ والتَّنُّورَ إذَا أخَذَ منه، ويُقَرِّبُ إلى أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الخُبْزَ، ويَغْرِفُ حتَّى شَبِعُوا وبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ: كُلِي هذا وأَهْدِي؛ فإنَّ النَّاسَ أصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ).[٨][٩]


المراجع

  1. محمد عجاج الخطيب، السنة قبل التدوين، صفحة 478. بتصرّف.
  2. فريق شبكة الألوكة (4/5/2015)، "جابر بن عبد الله رضي الله عنه"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1813، حديث صحيح.
  4. د. راغب السرجاني (1/5/2006)، "جابر بن عبد الله"، قصة الاسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. بتصرّف.
  5. فريق موقع اسلام ويب (4/11/2012)، "وقفة مع غزوة حمراء الأسد"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2097، حديث صحيح.
  7. فريق اسلام ويب (22/7/2012)، "جمل جابر ـ رضي الله عنه "، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم:4101 ، حديث صحيح.
  9. محمد صالح المنجد، سلسلة القصص، صفحة 3 . بتصرّف.