قبر الرسول
يقع قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، في حجرة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-؛ وذلك لأنّ الصحابة -رضوان الله عليهم- لما انتهوا من تجهيز النبي -صلى الله عليه وسلم- اختلفوا في مكان دفنه؛ فقال بعضهم في المسجد، وقال آخرون مع أصحابه الذين سبقوه؛ ولكنّ أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- أشار عليهم بدفنه في حجرته؛ واستشهد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في دفن الأنبياء محلّ موتهم وقبضهم؛ فرفع الصحابة الكرام فراش النبي الكريم وحفروا له القبر مكانه.[١]
وقد كان الذي لَحَدَ القبر للنبي -صلى الله عليه وسلم- أبو طلحة زيد بن سهل؛ حيث بعث العباس -رضي الله عنه- رجلاً إلى أبي عبيدة بن الجراح الذي كان يحفر القبور لأهل مكة المكرمة، ورجلاً آخر إلى أبي طلحة، وسأل الله -تعالى- أن يختار من عنده من يحفر للنبي -صلى الله عليه وسلم- قبره؛ حيث دعا وقال: "اللهُمّ خِرْ لِرَسُولِ اللهِ"، فكان الأسبق إلى هذا الأمر أبا طلحة -رضي الله عنه-.[١]
تغسيل وتكفين الرسول
لمّا توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقبل الصحابة على تغسيله أصابتهم الحيرة؛ أَيغسلون النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه ثيابه، أم يُجردونه، فبينما هم كذلك غشيهم النوم؛ ولمّا استيقظوا سمعوا منادياً يقول: (أَنِ اغْسِلُوا النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وعليه ثيابُه)،[٢] فأخذوا يصبّون الماء ويدلكونه من فوق القميص،[٣] وقد تولى غسله عدد من الصحابة الكرام؛ وهم: علي بن أبي طالب، العباس بن عبد المطلب، والقثم والفضل ابنا العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأوس بن خوليّ؛ الذي ناشد علي بن أبي طالب أن يحضر التغسل فأذن له -رضوان الله عليهم جميعاً-.[٤]
وبدأ تغسيل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أسنده علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى صدره، وتولى العباس وأبناؤه تقليب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسامة وشقران كانوا يصبّون الماء عليه -صلى الله عليه وسلم-،[٤] وبعد ذلك كفنوه بثلاثة أثواب، اثنان منهما يمنيان، مع بُردة قطنية أدرجوه -صلى الله عليه وسلم- فيها إدراجاً.[٥]
الصلاة على الرسول ودفنه
لمّا فرغ الصحابة من جهاز النبي -صلى الله عليه وسلم- وتكفينه وتحنيطه بالطيب؛ وضعوه على سريره يوم الثلاثاء، وأدخلوا عليه الناس من النساء والرجال يُودّعونه ويُصلون عليه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يستطع الصحابة -رضوان الله عليهم- أن يصلوا عليه بصلاة واحدة؛ لعظم شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولعدم قدرة أحد من الصحابة على توليّ الإمامة في مثل هذا الشأن، بالإضافة إلى حرصهم على نيل أجر هذا العمل، الذي هو آخر عهدٍ لهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[٦]
وقد دُفن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الأربعاء، بعد ثلاثة أيام من موته -صلى الله عليه وسلم-، وقد أنزله في قبره صحابته الذي غسّلوه -رضي الله عنهم-: علي بن أبي طالب، والعباس وأبناؤه، وأسامة بن زيد، وشقران؛ الذي أخذ قطيفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي كان يجلس عليها، ودفنها معه -رضوان الله عليهم-،[٧] فصلى الله وسلم وبارك على نبي الرحمة، وطاب حبيب القلوب حياً وميتاً.
المراجع
- ^ أ ب السهيلي، الروض الأنف، صفحة 559، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3141، صحيح.
- ↑ محب الدين ابن النجار، الدرة الثمينة في أخبار المدينة، صفحة 373. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو جعفر ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 211-212، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 663، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ ابن ناصر الدين الدمشقي، سلوة الكئيب بوفاة الحبيب، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 4، جزء 3. بتصرّف.