أول سورة نزلت على الرسول في مكة

عند إطلاق القول بأول سورة نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- دون تعيين نزولها كاملة أو نزول جزء منها؛ فإنّ المتبادر إلى الذهن سورة العلق إلى صدرها؛ وفيما يأتي بيان ذلك:


سورة العلق

نزل جبريل -عليه السلام- بسورة العلق على النبي -صلى الله عليه وسلم- في بداية البعثة، والتكليف بالنبوة،[١]إذ ثبت في حديث بدء الوحيّ عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (... فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: "اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ* خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ* اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ").[٢][٣]


وقيل إنّ جبريل -عليه السلام- قرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم- من بداية سورة العلق، حتى وصل قوله -تعالى-: (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[٤] أمّا بقيّة سورة العلق، فقد تأخر نزولها بعد ذلك،[٣] وعلى هذا قول جمهور العلماء.[٥]


سورة المدثر

قال بعض أهل العلم إنّ أول سورة نزلت في مكة المكرمة هي سورة المدّثر؛ وهو قول جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- ومن وافقه، وقد جمع العلماء بين هذا القول، وبين القول السابق الذي ينصّ على أنّ سورة العلق هي أول ما نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة؛ فقالوا:[٥]

  • إنّ أول ما نزل على رسول الله من القرآن الكريم ما كان من سورة العلق.
  • فتر الوحي بعد ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلمّا نزل ثانيةً بعد الفترة نزلت سورة المدّثر؛ فيكون كلا القولين صحيحاً؛ فأوّل سورة نزلت بالنزول الأول هي سورة العلق، وأوّل سورة نزلت بالنزول الثاني هي سورة المدّثر؛ والله -تعالى- أعلم.


أول سورة نزلت على الرسول في المدينة

تعدّدت أقوال المفسرين والصحابة والتابعين في أول سورة نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة؛ فقيل:


سورة المطففين

ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ سورة المطففين هي أول ما نزل في المدينة؛ وهو قول مقاتل وابن عباس -رضي الله عنه-، واختار قتادة أنّها سورة مدنية باستثناء ثمان آيات، فإنّهنّ نزلن في مكة، وقيل نزلت في سفر الهجرة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ وهو قول جابر بن زيد.[٦]


وقد علّل أهل العلم -القائلين بأنّها أول ما نزلت في المدينة- بأنّ سبب نزولها عند قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، أنّ بعض أهلها كانوا من أخبث الناس كيلاً؛ فنزلت هذه السورة بالوعيد حتى استقام حالهم، وصاروا من أوفى الناس في ذلك.[٦]


سورة البقرة

اختار بعض أهل العلم القول بأنّ سورة البقرة هي أوّل ما نزل بالمدينة؛ وهذا ما قال به ابن حجر -رحمه الله-،[١] ومن وافقه،[٧] ومن الجدير بالذكر أنّ سورة البقرة استمرّ نزولها قرابة العشر سنوات؛ أيّ طوال العهد المدنيّ.[٨]


ولا يخفى أنّ سورة البقرة اشتملتْ على العديد من الأحكام والأحداث التي وقعت على امتداد تلك الفترة من الزمن؛ ففيها ذكرت حادثة تحويل القبلة، وفيها ورد تحريم الربا، وهي أواخر ما نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحكام قبل الانتقال إلى الرفيق الأعلى.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد أبو شهبة، المدخل لدراسة القرآن الكريم، صفحة 130. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، صحيح.
  3. ^ أ ب محمد عبد اللطيف الخطيب، أوضح التفاسير، صفحة 756، جزء 1. بتصرّف.
  4. سورة العلق، آية:5
  5. ^ أ ب مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 10، جزء 78. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد علي طه الدرة، تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه، صفحة 488، جزء 10. بتصرّف.
  7. سفر الحوالي، شرح العقيدة الطحاوية، صفحة 1069. بتصرّف.
  8. ^ أ ب فضل عباس، التفسير والمفسرون في العصر الحديث، صفحة 186، جزء 3. بتصرّف.