الهجرة إلى الحبشة

اشتدّ أذى المشركين الذي ألحقوه بالمسلمين في مكّة المكرّمة فقال لهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ ملِكًا لا يُظلَمُ أحدٌ عندَه؛ فالحَقوا ببِلادِه حتى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا)،[١] فخرج المسلمون من مكّة إلى الحبشة مرّتين فِراراً بدِينهم، بلغ عددهم في المرّة الأولى أحد عشر رجلاً وأربع نساءٍ، وفي الثانية اثنين وثمانين رجلاً وثماني عشرة امرأةً.[٢]



من أول من هاجر إلى الحبشة؟

عثمان بن عفان أول من هاجر إلى الحبشة

كان عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- أوّل مَن هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين، وقد اصطحب معه زوجته رقية بنت الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ثمّ تبِعه سائر المهاجرين إلى الحبشة، وقد هاجر -رضي الله عنه- إلى المدينة المنوّرة أيضاً، إذ عاد من الحبشة إلى مكّة قبل هجرة الرسول -عليه السلام- إلى المدينة أو بعدها بمدةٍ قصيرةٍ، فقد ثبت أنّه تخلّف عن غزوة بدرٍ؛ لأنّ زوجته رقية كانت مريضةً، وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه- في ذلك: (أوّل مَن هاجر إلى أرض الحبشة عثمان، وخرج بابنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فأبطأ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خبرهما فجعل يتوكّف الخبر، فقَدِمت امرأةٌ من قريش من أرض الحبشة فسألها فقالت: رأيتها، فقال: على أي حال رأيتها؟ قالت: رأيتها وقد حملها على حمار من هذه الدوّاب وهو يسوقها، فقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: صحبهما الله، إن كان عثمان لأول مَن هاجر إلى الله -عزّ وجلّ- بعد لوطٍ).[٣]



خصائص أخرى لعثمان بن عفان

امتاز عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعدّة خصائص وميزاتٍ يُذكر منها:

  • استحياء الملائكة منه: فقد عُرف عثمان -رضي الله عنه- بحيائه الشديد حتى أنّ الملائكة كانت تستحي منه، يدلّ على ذلك الحادثة التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه والتي دلّت على استحياء الملائكة منه، إذ ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا في بَيْتِي، كَاشِفًا عن فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فأذِنَ له، وَهو علَى تِلكَ الحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فأذِنَ له، وَهو كَذلكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذلكَ في يَومٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ له وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ).[٤][٥]
  • تبشيره بالجنّة: فقد وعد الرسول -عليه الصلاة والسلام- مَن يجهّز جيش المسلمين يوم غزوة تبوك بالجنّة، وكان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الذي اشتُهر بكرمه وسخائه وبذله في سبيل نشر دعوة الإسلام.[٦]

المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم:1/208، إسناده صحيح.
  2. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 203. بتصرّف.
  3. محب الدين الطبري، الرياض النضرة في مناقب العشرة، صفحة 9-10. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2401، صحيح.
  5. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 11. بتصرّف.
  6. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 13. بتصرّف.