عند نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان قد بدأ بدعوته سرًّا لعلمه بردة فعل قومه، فأراد الاستعداد لذلك من خلال تأسيس قاعدة يمكن للدعوة الاستمرار عليها برغم معاداة قومه لها، فبدأ صلى الله عليه وسلم دعوته بالسر لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، وكانت قريش على علم بذلك نظرًا إلى أنهم يعيشون في مجتمع واحد، إلا أنها لم تلقِ لذلك أي اهتمام؛ لاندثار العديد من الدعوات الفردية كذلك قبل النبي صلى الله عليه وسلم، دون أي إدراك منهم للإعجاز الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وحجة دعوته، وحين جهر صلى الله عليه وسلم في دعوته لاقى هو والمسلمون معه الأذى من قريش بكافة أشكاله، وحين اشتد بالمسلمين الأذى أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، فمتى كانت أول هجرة إلى الحبشة؟ وكم مرة هاجر المسلمون إلى الحبشة؟ وما أسباب ذلك؟ سنجيب عن تلك الأسئلة في هذا المقال.


متى كانت أول هجرة إلى الحبشة؟

كانت هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة في العام الخامس من البعثة، وكانت هذه الهجرة بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم؛ نظرًا لشدة الأذى الذي لاقاه المسلمون حينها، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم حفظهم من الأذى، وحفظ الدعوة الإسلامية كذلك، فهاجر من الرجال اثني عشر رجلًا، وأربع نساء، كان في مقدمتهم الصحابي الجليل عثمان بن عفان برفقة زوجته رقية ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرجوا تحت ستار الليل نحو شاطئ جدة ليبحروا عبر سفينتين تجاريتين نحو أرض الحبشة، وحين علمت قريش بذلك كانت قد لاحقتهم، إلا أنها حين وصلت كان المسلمون قد ركبوا في البحر نحو الحبشة.[١]


كم مرة هاجر المسلمون إلى الحبشة؟

هاجر المسلمون إلى الحبشة مرتين، فبعد الهجرة الأولى كانت قد وصلتهم في الحبشة أخبار تفيد بأن قريش تراجعت عن أذى المسلمين، ولما علموا بذلك عادوا إلى أرض مكة شوقًا لعيش حياتهم مجددًا بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم حين وصلوا مكة أدركوا أن تراجع قريش عن أذيتهم ما هو إلا محض كذبة، وعندها كان منهم من عاد أدراجه إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة سرًّا في الليل خوفًا من الأذى.

أما الهجرة الثانية إلى الحبشة فكانت بين العام العاشر والحادي عشر من الهجرة، وذلك بعد زيادة الأذى على المسلمين، إذ أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة ثانيةً إلى الحبشة وقد بلغ عددهم ثلاثة وثمانين رجلًا، مع تسع عشرة وقيل ثماني عشرة امرأة، وعلى رأسهم ابن عم رسول الله صلى الله عيه وسلم جعفر بن أبي طالب، وكانوا قد أخذوا جميع التدابير اللازمة في الهجرة بعد محاولة قريش منع تكرار تلك الهجرة، إلا أنهم قد نجحوا مجددًا بالوصول إلى أرض الحبشة بسلام.[٢]


لماذا هاجر المسلمون إلى الحبشة؟

اختار النبي صلى الله عليه وسلم أرض الحبشة دون سواها في هجرة المسلمين للعديد من الأسباب، وفيما يأتي عرض لأهم أسباب الهجرة إلى الحبشة:[٣]

  1. نفاد صبر المسلمين في تحمل الأذى الذي اشتد بهم من قريش في مكة.
  2. خوف النبي صلى الله عليه وسلم على الدعوة وحرصه على نشرها.
  3. خلو أرض الحبشة من القبائل العربية، ما يضمن عدم إقامة قريش لأي حلف هناك يسبب الأذى للمسلمين.
  4. وجود ملك عادل في الحبشة وهو النجاشي، وكان قد استقبل المسلمين وأحسن رعايتهم.
  5. نشر الدعوة الإسلامية على نطاق أكبر، وفتح المجال للمسلمين بنشر الدعوة الإسلامية بعيدًا عن أذى قريش.


المراجع

  1. "الهجرة الأولى إلى الحبشة"، إسلام ويب. بتصرّف.
  2. "وِلادةُ خيرِ الأَنام ﷺ إلى بَيْعةُ العَقبةِ الأولى. - الهِجرة الثانية إلى الحبشة "، طريق الإسلام . بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 219 - 220 ، جزء 28. بتصرّف.