الهجرة إلى الحبشة

دعا الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئاً، وكان قد بدأ بدعوة قبيلة قريش في مكة المكرّمة، إلّا أنّها عاندت وكفرت بدعوته وألحقت الأذى بالمسلمين، فما كان من الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلّا أن أشار على المسلمين بالهجرة إلى مكانٍ أكثر أماناً فكانت الهجرة إلى الحبشة، ومن الجدير بالذكر أنّ الله -تعالى- قد أشار إلى الهجرة بقوله: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).[١][٢]



ما هي أسباب الهجرة إلى الحبشة؟

هاجر المسلمون إلى أرض الحبشة للعديد من الأسباب المبيّنة آتياً:[٣]

  • الابتعاد عن ظلم قبيلة قريش التي كانت تمارسه على المُستضعفين من المسلمين بسبب إسلامهم واتّباعهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي رأى بحكمته إبعاد أصحابه عن مكّة المكرّمة فترةً من الزمن، وقد اختار الحبشة لِعِلْمه سابقاً بأنّ ملكها لا يظلم أحداً، ذلك بعد أن مارست قريش صوراً متنوعةً من العذاب والإيذاء بحقّ المسلمين، فالهجرة سنةٌ قد سنّها لمَن ضاق عليه الحال.
  • بناء علاقاتٍ سياسيةٍ متينةٍ مع الحبشة، والسعي في نيل مساعدتها العسكرية.
  • خَلْق بيئةٍ مناسبةٍ للتجارة، وتعزيز النشاط الاقتصادي للمسلمين.
  • القضاء على الخلاف الذي وقع بين مجموعةٍ من المسلمين فيما بينهم.
  • الحفاظ على الدعوة والحرص عليها من الزوال وخاصّةً في بدايتها، إذ إنّ المسلمين كانوا يزدادوا كلّ يومٍ فهاجر عددٌ منهم لئلا تشعر قريش بخطرهم عليها فتسعى في القضاء عليهم.
  • استغلال صلة القرابة بين قريش والمهاجرين من المسلمين ممّا قد يهيج عاطفتهم فيمتنعوا عن إيذائهم، فقد تأثّرت قريش من هجرة المسلمين من أقاربهم واختلف التأثّر فيما بينهم؛ فمنهم مَن رقّ قلبه على المهاجرين، ومنهم مَن ازداد غيظاً على المسلمين لأنّهم اعتقدوا أنّ الإسلام يُجبر على مفارقة الوطن والأهل، ومنهم مَن اعتنق الإسلام.



دروسٌ وعبرٌ من الهجرة إلى الحبشة

دلّت الهجرة إلى الحبشة على العديد من الدروس والعِبر التي يُذكر منها:[٤]

  • الدلالة على صدق الإيمان: فقد ثبت المسلمون على دينهم رغم الظلم والاضطهاد وهاجروا من أرضهم وبلدهم في سبيل الحفاظ على عقيدتهم وعدم التخلّي عنها.
  • تحقيق الأمن والأمان: فلا بدّ من تحقيق الأمن والرعاية والأمان لأتباع الإسلام وذلك من واجبات الدعوة، فقد سعى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على تأمين المسلمين في مكانٍ يشعرون به بالاستقرار والأمان على النفس والأهل.
  • قوّة الرابطة الدينية: فقد أظهرت الهجرة إلى الحبشة قوّة الرابطة الدينية وإن اختلفت الشريعة، فأهل الحبشة رغم أنّهم كانوا نصارى إلّا أنّهم أظهروا محبّتهم للمسلمين، فالشرائع السماوية مصدرها واحدٌ تتّفق مع بعضها البعض في الأهداف الاجتماعية والإنسانية فلا تفرّق بين أحدٍ، ولذلك أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين بالهجرة إلى الحبشة رغم اختلاف دِينهم؛ لِعِلمه بتعاليمهم وشريعتهم.

المراجع

  1. سورة الزمر، آية:10
  2. أ.د. راغب السرجاني (2010/4/21)، "التفكير في الهجرة إلى الحبشة"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 216-220. بتصرّف.
  4. مصطفى السباعي، السيرة النبوية دروس وعبر، صفحة 48-51. بتصرّف.