إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد عاش في طفولته وشبابه في مكة المكرمة، وله في مكة المكرمة كثير من الذكريات، ومن هذه الذكريات هو حلف الفضول الذي طبع في ذاكرته صلى الله عليه وسلم وخلده التاريخ؛ وذلك لما طبقه ومثله من مكارم الأخلاق، ولهذا الحلف محبة خاص لدى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال فيه بعد ما أنعم الله عليه بالنبوة: "لقد شَهِدتُ مع عمومَتي حِلفًا في دارِ عبدِ اللَّهِ بنِ جُدعانَ ما أُحبُّ أن لي بهِ حُمْرَ النَّعَمِ، ولَو دُعيتُ بهِ في الإسلامِ لأجَبتُ"،[١] وفي مقالنا هذا سنوضح المقصود بحلف الفضول، إلى جانب عرض لسبب انعقاده.


ما المقصود بحلف الفضول؟

حلف الفضول هو ميثاق أُبرِم للدفاع عن حقوق الضعفاء والمستضعفين في مكة المكرمة، وقد أُرّخ انعقاد هذا الحلف بالانتهاء من حرب الفجار، وكان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم حينها عشرين سنة، إذ إن حلف الفضول عُقد في شهر ذي القعدة بعد أن مضت على عام الفيل عشرون سنة، وإن أول من دعا إلى هذا الحلف هو الزبير بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فاجتمع بنو هاشم مع بني زهرة وبني تيم في دار عبد الله بن جدعان، وتعاقدوا فيما بينهم على الدفاع عن المظلوم ونصرته وإعادة حقه إليه، وقد سمي هذا الحلف باسم حلف الفضول لأن فكرته مستمدة من حلف عقده بنو جرهم وكان القائمون عليه ثلاثة أشخاص يحملون اسم الفضل وهم؛ الفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، والفضل بن الحارث.[٢][٣]


 سبب انعقاد حلف الفضول

عقد حلف الفضول بعد حرب الفجار، وكان ذلك في شهر ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم التي لا يجوز فيها القتال لذلك كان اسم الحرب التي نشبت فيه حرب الفجار، وقد بدأ الحلف باجتماع نفر من قريش في دار عبد الله بن جدعان؛ وكان بعضهم من بني هاشم، وبعضهم من بني المطلب، وغيرهم، وقد نتج عن هذا الاجتماع التعاهد على عدم ترك أي مظلوم من أهل مكة أو من يأتون إليها من باقي الناس إلا بعد الوقوف معه ومساندته حتى يُرد إليه حقه.


أما عن السبب المباشر وراء انعقاد ذلك الحلف فهو أن رجلًا من زبيد جاء إلى مكة ومعه بضاعة، فأخذها منه العاص بن وائل السهمي دون أن يعطيه شيئًا مقابلها، فاستنجد الرجل الزبيدي بأشراف مكة لكنهم لم ينجدوه، فصعد على جبل أبي قبيس وأخذ يلقي أشعارًا يبين فيها الظلم الذي وقع عليه رافعًا صوته بها، فسمعه الزبير بن عبد المطلب، وأخذ على عاتقه رد حقه إليه، وبناء على ذلك فإنه عقد اجتماعًا مع من سبق ذكرهم في دار ابن جدعان، وبعد أن اتفقوا على بنود هذا الحلف وقوانينه خرجوا وردوا الحق من العاص بن وائل.[٤]


المراجع

  1. رواه الألباني، في فقه السيرة ، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:72.
  2. الفضول/ "شهود النبي محمد صلى الله عليه وسلم حرب الفجار وحلف الفضول في شبابه"، الألوكة. بتصرّف.
  3. "حلف الفضول"، طريق الإسلام. بتصرّف.
  4. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 50. بتصرّف.