الوحي هو وسيلة اتّصال الله -سبحانه وتعالى- مع نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وبواسطته بلّغه القرآن الكريم، والتشريع الحكيم، يقصد بالوحي في اللغة الإشارة السريعة بخفاءٍ، وفي الاصطلاح؛ فالوحي هو إعلام لله -تعالى- لأنبيائه بما يريد من التشريع بخفاءٍ وسرعةٍ، وأنواع وصور الوحي التي بلّغ الله -تعالى- فيها سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- عديدةٌ ومنها ما تكرّر لمرَّاتٍ.[١]


أمّا عن إيحاء الله -تعالى- له بواسطة جبريل بصورته وهيئته الملائكيّة؛ فإنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قد رآه على هذه الهيئة مرَّتين، كما جاء في الحديث التي ترويه أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه: (رَأَى جِبْرِيلَ عليه السَّلَامُ في صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ)،[٢] مرَّة حين كان النبيّ في غار حراء، ومرَّةً عند سدرة المنتهى في حادثة الإسراء والمعراج.[٣]


نزول الوحي على النبيّ

أنواع الوحي الذي نزل على النبيّ

تعددّت صور وطرق الوحي التي أوحى الله -تعالى- بها إلى نبيّه محمدٍ -عليه الصلاة والسلام-، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الأنواع.


الإلهام

ويسمى كذلك بالنفث أو الإلقاء في الروع، ومثاله ما جاء في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من قوله: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ).[٤][٥]


التكليم من وراء حجاب

حيث يذكر العلماء أنّ الله -تعالى- كلّم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بلا واسطةٍ من وراء حجاب، وذلك في حادثة الإسراء والمعراج، حين صعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى السماوات العلا.[٦]


الوحي بواسطة جبريل عليه السلام

أوحى الله -تعالى- إلى نبيّه محمَّدٍ بواسطة جبريل، وذلك بصورٍ مختلفة، وهي:[٥]

  • نزول جبريل بصورته الملائكيَّة -كما ذُكر سابقًا-.
  • تمثّل جبريل -عليه السلام- على هيئة رجلٍ، يراه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ومن حوله من الصحابة -رضي الله عنه- دون أن يعرفوا أنّه جبريل -عليه السلام-، وكثيرًا ما كان يتمثّل جبريلُ -عليه السلام- ويأتي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على هيئة دحية الكلبي، وكان -رضي الله عنه- من أجمل الصحابة.
  • نزول جبريل بصورةٍ خفيَّةٍ لا تُرى، إلّا أنّ أثر نزوله كان يظهر على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فكان يُسمع بقربه صوتٌ كصلصلة الجرس، أو صوتٌ كدوي النحل، ولا يكون الصوت مفهومًا إلّا للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


الرؤيا الصادقة

أوحى الله -تعالى- إلى نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بالرؤيا يراها في المنام؛ فتصدق وتتحقَّق، وكان بداية وأوّل الوحي للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالرؤيا الصادقة، حيث روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ).[٧][٦]


حال النبيّ عند نزول الوحي عليه

كان لنزول الوحي على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تبعةٌ وأثرٌ يظهر عليه، ويلاحظه أصحابه من حوله، ومن آثار نزول الوحي على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ما يأتي:[٦]

  • تصبّب العرق منه حتّى في الأيام شديدة البرد.
  • ثقل وزنه -عليه الصلاة والسلام-، ويُعرف ذلك من أنّ البعير التي كانت تحمله عند نزول الوحي عليه تكاد تبرك على الأرض.
  • إصابته بالحمى، وشاهد ذلك قول عائشة -رضي الله عنها-: (فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِن أَهْلِ البَيْتِ أَحَدٌ حتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ عِنْدَ الوَحْيِ)،[٨] والبرحاء؛ هي الحمى الشديدة.


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة القرآنية المتخصصة، صفحة 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4855، حديث صحيح.
  3. "المرات التي رأى الرسول فيها جبريل"، إسلام ويب، 17/2/2003، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:2085، صحيح.
  5. ^ أ ب مصطفى ديب البغا، الواضح في علوم القرآن، صفحة 16-20. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "أنواع الوحي وصوره، وأثرها على النبي، ورد على ادعاء إصابته بالصرع"، الإسلام سؤال وجواب، 20/8/2010، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، حديث صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2770، حديث صحيح.