كانَ فتحُ مكّة في العشرين من شهر رمضان من العامّ الثّامن لهجرةِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمدينة المنوّرة،[١][٢] ويُعدّ فتحُ مكّة من أعظمِ لحظاتِ الحياةِ النبويّة عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعند صحابتِه رضي الله عنهم وأرضاهم؛ إذ هي بمثابةِ إزالة الآلام والاضطهادات التي عانى منها المسلمون على مدار عشرين عاماً أو يزيد، ففتحُ مكّة الفتح الذي انتظرَه المسلمون طويلاً، حتّى يسريَ حُكم الله تعالى بشرعِه ودينِه في جوانبِ الدّنيا الأربع، وكذلِك الفتحُ المكيّ من اللّحظات الحاسِمة في العصر النبويّ، فبعد القتل والتعذيب والتشريد الذي لاقاه المسلمون الأوائِل؛ ها هم يستبشرون بالفتح العظيم المُبارك، ويدخلون مكّة منتصرين رافعي جباههم بالقوّة والتّمكين من المولى الكريم.[٣]
السّبب المُباشِر لِفتح مكّة
السّبب المُباشِر للفتحِ هو أنّ قُريشاً قد نقضت بنداً بينها وبين المسلمين، وذلِك من بنودِ صلح الحُديبية، وهو أنّ من دخل في عهدِ محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأمنه فهو فيه آمناً وحليفاً ويُدافع عنه، ومن دخل في عهد قريشٍ وأمنها فهو فيه آمناً وحليفاً ويدافَع عنه؛ فكان ممّن دخل في عقد وأمنِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خزاعة، وممّن دخل في عقدِ وأمنِ قريشٍ هم بنو بكرٍ، وكانت القبيلتان في الجاهليّة بينهما ثأر وانتقام؛ فأغارت بنو بكرٍ على خُزاعةَ واعتدت عليها، وقتّلت منها، وقد ساعدت قريشٌ بني بكرٍ بالسّلاح، ودخل منهم من دخل مستخفياً، حتّى دخلت الحرم وأعانت قريشٌ بني بكرٍ على البغي والظلم فيه سراً؛ واستمرّت المناوشات بينهما بالمشاركة من رجال قريش، ففزعت خزاعة لما حلّ بها، وأرسلت وفداً للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم تناشِدُه المَدد والمساعدة؛ فأنشد عمرو بن سالمٍ الخزاعيّ أمام النبيّ عليه الصّلاة والسّلام قصيدةً في ذلِك.[٤][٥]
فتحُ مكّة يومٌ مشهود
كانَ يوم الفتح يوماً من أيّام الإسلام العِظام، حيثُ أسلمت مكّة جميعها، وظهر فيه الكثير من العِبر والعِظات، وأثمر نتائجَ عظيمة على العالم الإسلاميّ فيما بعد؛ ومن أبرز ما جرى في الفتح المبارك من دروسٍ توثّق كعناوينَ خالدةً في تاريخ الإسلام:[٦][٧][٨]
- ذكاءُ وبراعةُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في كيفيّة احتواء المواقف.
- التفاف المسلمين وتكوّرهم حول قائِدهم عليه الصّلاة والسّلام، والاطمئنان في الوثوق به.
- إقامةُ الحقّ، وإزاقة الباطِل، بتكسير الأصنام التي كانت حول الكعبة.
- تواضُع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في دخولِه مكّة فاتحاً شاكراً مولاهُ على نصرِه المؤزّر.
- تأليفُ القلوبِ، والعفو العامّ، والصّفح العظيم عن أعدى أعداء الإسلام، ومن ثمّ دخولِهم في حديقة الإسلام العظيم.
- دينُ الإسلام هو السّلام؛ فهو يدعو للسّلام، ويسعى إليه.
- صلاةُ الفتح والشّكر لله سبحانه وتعالى.
- ارتفاع الأذان من فوق الكعبة بصوت بلال رضي الله عنه العذب.
- خطبةُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الخالدة يومَ الفتح الأعظم.
المراجع
- ↑ مصطفى الأنصاري (25/6/2016)، "حدث في 20 رمضان فتح مكة"، قصة إسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.
- ↑ رمضان البوطي، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، صفحة 262. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن وهف القحطاني، غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة، صفحة 96-97. بتصرّف.
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 333. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن وهف القحطاني، غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة، صفحة 135. بتصرّف.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ "فتح مكة درس نبوي في التواضع والعفو"، إسلام ويب، 28/2/2013، اطّلع عليه بتاريخ 16/12/2021. بتصرّف.