كم عدد الرجال في بيعة العقبة الثانية؟

كان عدد رجال بيعة العقبة الثانية هو ثلاثة وسبعون رجلاً من الأنصار،[١] الذين كانوا قد دخلوا في الإسلام، وبايع عدد منهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة الأولى، وكان عددهم وقتها اثنا عشر رجلاً فقط،[٢] ولكن الإسلام انتشر في المدينة بعد أن أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إليها مصعب بن عمير -رضي الله عنه- داعياً إلى الله، ومُعلِّماً للناس،[٣] ثم عاد مصعب بن عمير -رضي الله عنه- إلى مكة في موسم الحج، بعد عام واحد من بيعة العقبة الأولى، ومعه ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، ممن أسلم من أهل المدينة،[٤] وكان اثنان وستون من الرجال من الخزرج، وأحد عشر من الأوس، فواعدوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على اللقاء به سرَّاً، حتى لا يعلم المشركون بأمرهم فيفسدونه عليهم، ثم تم اللقاء وبايع الأنصارُ الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة الثانية.[٥]


الرجال الذين تكلموا في بيعة العقبة الثانية

العباس بن عبد المطلب

بدأت أحداث البيعة بعد اجتماع الأنصار مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بحديث عمه العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- الذي لم يكن حينها قد أسلم بعد، لكنه حضر الاجتماع ليستوثق من الأمر لابن أخيه خوفاً عليه، وكان حديث العباس مقدمة لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث وضَّح للأنصار خطورة أمر البيعة وصعوبته، وأراد أن يتأكد من استعدادهم لها.[٦]


العباس بن عبادة بن نضلة

ثم تكلم العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري -رضي الله عنه- وكان ممن بايع بيعة العقبة الأولى، فأكَّد للأنصار الخطورة في هذه البيعة، حيث أنهم سيضطرون لخوض الحروب، وسيضحّون بأرواحهم وأموالهم في سبيل نصرة الإسلام، لأن المشركين لن يتركوهم وشأنهم، فلا بد أن يكونوا على قدر تحمل المسؤولية في حماية الرسول -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه.[٦]


البراء بن معرور

وتكلم البراء بن معرور الأنصاري -رضي الله عنه- بعد كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، جاء في الحديث: (فتكلَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، فتلَا القُرآنَ، ودعا إلى اللهِ، ورغَّبَ في الإسلامِ، ثُمَّ قالَ: أبايعُكُم علَى أَن تمنَعوني مِمَّا تمنعونَ منهُ نساءَكُم وأبناءكُمْ. قال كعبٌ: فأخذَ البراءُ بنُ مَعرورٍ بيدِهِ وقالَ: نعَم، فوالَّذي بعثَكَ بالحقِّ لنمنعنَّكَ ممَّا نمنَعُ أزُرَنا، فبايِعنا يا رسولَ اللهِ، فنحنُ -واللهِ- أبناءُ الحروبِ، ورِثناها كابرًا عن كابرٍ).[٧][٨]


أبو الهيثم بن التيهان

ثم تكلم أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري -رضي الله عنه- فقال: (يا رسولَ اللهِ، إن بَيننا وبينَ الرِّجالِ -يعني اليهودَ- حبالًا وإنَّا قاطعوها، فهل عَسيتَ إن فَعلنا ذلكَ ثمَّ أظهرَكَ اللهُ أن ترجِعَ إلى قومِكَ وتدَعَنا؟ قالَ: فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، ثم قال: بلِ الدَّمَ الدَّمَ والهدمَ الهدمَ، أنا منكُم وأنتُم مِنِّي، أحارِبُ مَن حاربتُم وأسالِمُ مَن سالمتُم).[٧][٩]


أسعد بن زرارة

وتكلم أيضاً أسعد بن زرارة -رضي الله عنه- وكان سيداً من سادات الأوس، فقال: (رُوَيْدًا يا أهلَ يَثْرِبَ، فإنَّا لم نَضرِبْ أعناقَ الإبلِ إلَّا ونحن نَعْلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم، وإنَّ إخراجَهُ اليومَ مُفارَقةُ العربِ كافَّةً، وقَتْلُ خِيارِكُم، وأنْ تَعَضَّكُمُ السُّيوفُ، فإمَّا أنتم قومٌ تَصبِرونَ على ذلكَ وأَجْرُكُم على اللهِ، وإمَّا أنتم قومٌ تخافون مِن أَنفُسِكُم جُبَيْنَةً فبَيِّنوا ذلك؛ فهو أَعْذَرُ لكُم عندَ اللهِ. قالوا: أَمِطْ عنَّا يا أَسْعَدُ، فواللهِ لا نَدَعُ هذه البيعةَ أبدًا ولا نَسْلِيها أبدًا)،[١٠] ورُوي عنه أيضاً أنه قال: (سل يا محمَّدُ لربِّكَ ولنفسِكَ ما شئتَ، ثمَّ أخبِرنا ما لَنا منَ الثَّوابِ؟ قالَ: أسألُكُم لربِّي أن تعبدوهُ ولا تشرِكوا بِهِ شيئًا، وأسألكم لنَفسي ولأصحابي أن تُؤوونا وتنصُرونا وتمنَعونا مِمَّا تمنعونَ منهُ أنفسَكُم، قالوا: فما لَنا؟ قالَ: الجنَّةُ. قالوا: ذلِكَ لَكَ).[١١][١٢]


المراجع

  1. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 579-580. بتصرّف.
  2. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 436. بتصرّف.
  3. أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، صفحة 409. بتصرّف.
  4. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 231-232. بتصرّف.
  5. محمد الطيب النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 166. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 449. بتصرّف.
  7. ^ أ ب رواه الألباني، في فقه السيرة، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم:149، حديث صحيح.
  8. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 450. بتصرّف.
  9. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 450. بتصرّف.
  10. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:222، حديث حسن.
  11. رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري، عن أبو مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم:263، حديث إسناده قوي.
  12. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 450-451. بتصرّف.