الناقة هي أنثى الجَمَل،[١] وقد ذَكَرَ اللهُ -تعالى- الجِمَال في القرآن الكريم، وضرب بها المثل في عِظم خلقه وقدرته، فقال: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}،[٢] وذلك لأنها تمتاز عن غيرها من المخلوقات بالقوة، وشدة التحمل، والصبر على الجوع والعطش لوقت طويل، وهي مع كل ذلك تنقاد بسهولة لأي شخص، وفيها منافع عظيمة، فهي وسيلة للركوب والسفر، وهي من الأنعام التي يؤكل لحمها، ويُشرب لبنها، ويُنتفع بشَعرها، ولذلك كان العرب يحبونها ويستخدمونها بكثرة.[٣]


صفات ناقة الرسول

استخدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناقة في كثير من الأوقات، فكان يركب، ويهاجر، ويغزو، ويحج، ويخطُب عليها، وكان عنده أكثر من ناقة، وكان لكل منها صفات مختلفة، وقد ورد أن عددها ثلاثة، وأسماؤها هي: القصواء، والجدعاء، والعضباء.[٤]


القصواء

كانت ناقةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسمى القصواء، وهي الناقة الأشهر عنده، حيث كانت حاضرة في أهم الأحداث في حياته، فعلى ظهرها خرج من مكة مهاجراً، وعلى ظهرها أيضاً عاد إلى مكة مرةً أخرى فاتحاً، وهي الناقة التي بركت في المدينة المنورة، وبُني المسجد النبوي في مكانها، وهذه الناقة اشتراها الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، حيث كان أبو بكر -رضي الله عنه- قد اشتراها مع ناقة أخرى بثمانمئة درهم أثناء التجهيز لرحلة الهجرة، ثم باعها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومعنى القصواء أي: التي قُطع القليل من طرف أذنها، إلا أنها لم تكن كذلك،[٥] وقد ورد ذكرها في السنة النبوية، جاء في الحديث: (طافَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَى راحلَتِهِ القَصواءِ يومَ الفَتحِ).[٦]


الجدعاء

كما كان للرسول -صلى الله عليه وسلم- ناقة أخرى تسمى الجدعاء، ومعنى الجدعاء: أي مقطوعة الأذن أو الأنف أو الشفة، وفي الحقيقة لم تكن هذه الناقة جدعاء أيضاً، وإنما كان هذا الاسم مجرد لقبٍ لها، حيث لم يكن في نوق الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي عيوب، وكانت هذه الأسماء لتمييزها فقط، وقيل أن الجدعاء والقصواء اسمان لناقة واحدة،[٥] وقد خطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يركب على ظهر هذه الناقة وهو في حجة الوداع، وقد فعل ذلك ليحاول إسماع الناس حيث كان عددهم كبيراً جداً، كما جاء في الحديث: (قامَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسَلَّمَ فينا في حَجَّةِ الوَداعِ، وهو على ناقتِه الجَدعاءِ، قد جعَلَ رِجلَيْه في غَرزَيِ الرِّكابِ يَتطاوَلُ يُسمِعُ الناسَ).[٧]


العضباء

وكان للرسول -صلى الله عليه وسلم- ناقة ثالثة هي العضباء، ومعنى اسمها: مشقوقة الأذن،[٨] وقد كانت العضباء ناقة سريعة لا يسبقها أحد من الإبل، حتى سبقها جملٌ لأعرابي، فحزن الصحابة -رضي الله عنهم- واستعظموا ذلك، حتى هوَّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليهم الأمر، جاء في الحديث: (كانَتْ ناقَةٌ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُسَمَّى: العَضْباءَ، وكانَتْ لا تُسْبَقُ، فَجاءَ أعْرابِيٌّ علَى قَعُودٍ له فَسَبَقَها، فاشْتَدَّ ذلكَ علَى المُسْلِمِينَ، وقالوا: سُبِقَتِ العَضْباءُ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ حَقًّا علَى اللَّهِ أنْ لا يَرْفَعَ شيئًا مِنَ الدُّنْيا إلَّا وضَعَهُ)،[٩] وقيل أيضاً أن العضباء والجدعاء هما ناقة واحدة على خلاف في ذلك.[٤]


المراجع

  1. معجم المعاني، "تعريف و معنى الناقة في معجم المعاني الجامع"، المعاني. بتصرّف.
  2. سورة الغاشية، آية:17
  3. محمد علي الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، صفحة 633. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، صفحة 129. بتصرّف.
  5. ^ أ ب إسلام ويب (9/4/2002)، "اسم ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2/12/2021. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:719، حديث إسناده صحيح.
  7. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:480، حديث حسن.
  8. قاموس الكل، "تعريف و معنى العضباء في قاموس الكل"، المعاني. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6501، حديث صحيح.