أول صلاة صلاها الرسول

معلوم أنّ الصلاة فُرضتْ على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج؛ حيث فرضها الله -تعالى- على نبيّه وأمته خمس صلوات باليوم والليلة؛ وكانت أوّل صلاة صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد حادثة الإسراء والمعراج هي صلاة الظهر، كما نقل ذلك عدد من المحدّثين والمصنفين، وبه قال أهل العلم.[١]


ولهذا سمّيت صلاة الظهر الصلاة الأولى،[١] ففي البخاري عن أبي برزة الأسلميّ؛ أنّه قال عن وقت صلاة الظهر: (كانَ يُصَلِّي -يقصد النبي صلى الله عليه وسلم- الهَجِيرَ؛ وهي الَّتي تَدْعُونَهَا الأُولَى، حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ...).[٢][٣]


وقد نزل جبريل -عليه السلام- وصلّى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إماماً؛ ليعلّمه كيفيّة هذه الصلوات، وموعدها وميقاتها؛ ففي الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أمَّني جبريلُ عندَ البيتِ مرَّتينِ، فصلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ زالتِ الشَّمسُ، وَكانت قدرَ الشِّراكِ، وصلَّى بيَ العصرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ، وصلَّى بيَ يعني المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ، وصلَّى بيَ العشاءَ حينَ غابَ الشَّفَقُ...).[٤][١]


مقدار الصلاة أول ما فرضت

فرضت الصلاة في بادئ الأمر ركعتين ركعتين عدا صلاة المغرب، بمقدار خمس صلوات في اليوم والليلة، وقد مهّد المولى -سبحانه- بهذا التشريع لزيادة عدد ركعات الصلاة بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، لتصبح عدد ركعات بعض الصلوات -وهي الظهر والعصر والعشاء- من ركعتين إلى أربع ركعات في حال الحضر -الإقامة-، مع بقاء صلاة الصبح على حالها بمقدار ركعتين، وصلاة المغرب ثلاثاً.[٥]


وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ)،[٦] وبعد أن استقرّ حال المسلمين في المدينة، واطمأنوا؛ جعل الله -سبحانه- الصلاة الرباعيّة ركعتين في حال السفر؛ تخفيفاً منه -سبحانه- على عباده.[٥]


تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة

كانت صلاة المسلمين قبل الهجرة بمكة المكرمة تجاه بيت المقدس، فلمّا هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة استمرّ بالاتجاه نحو البيت المقدس؛ وفي السنة الثانية للهجرة -على أصحّ الأقوال- جاء الأمر بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة.[٧]


وقد كان ذلك رغبةً من النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ البداية، فكان -عليه السلام- يتطلع للوحي، ويرغب في تغيير اتجاه القبلة؛ للعودة إلى الكعبة المشرفة قبلة الخليل إبراهيم -عليه السلام-، وتمييزاً للمسلمين بقبلة مستقلة عن اليهود، تقطع عليهم ادعاءاتهم؛ فحقق الله -سبحانه- ما أراده النبي -صلى الله عليه وسلم- بحكمته، وأجاب دعاء نبيّه الكريم؛ قال -تعالى-: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ...).[٨][٧]


وكانت أول صلاة يتحوّل فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الكعبة هي صلاة الظهر، حيث جاء الأمر بتحويل القبلة أثناء هذه الصلاة، ثم كانت صلاة العصر أول صلاة يصليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد النبويّ تجاه الكعبة، كما كانت صلاة الفجر أول صلاة يصليها أهل قباء بعدما بلغهم خبر تحويل القبلة.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب ت عبد الكريم الخضير، شرح سنن الترمذي، صفحة 5، جزء 28. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد ، الصفحة أو الرقم:599، صحيح.
  3. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 237، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:393، قال الألباني حسن صحيح.
  5. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 521-523، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:350، صحيح.
  7. ^ أ ب ت أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 349-351، جزء 2. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:144