بيت النبي صلى الله عليه وسلم
يطلق على بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- اسم الحجرة النبويّة، وهو البيت الذي كان يُقيم فيه مع أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وقد بناه النبي -صلى الله عليه وسلم- عند قدومه إلى المدينة المنورة، عندما بنى المسجد النبويّ الشريف،[١] ويمكن التفصيل بالحديث عن بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- على النحو الآتي:
وصفه
لمّا أنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- بناء المسجد النبويّ، ابتدر ببناء حجرات أمهات المؤمنين -رضوان الله عليهنّ-، فكانت حجرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وحجرة أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- أول الحجرات التي بناها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كانت الأرض التي أُقيمت عليها هذه الحجرات ملك حارثة بن النعمان -رضي الله عنه-، تنازل عنها، وعن بعض بيوته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليسكن بها هو وزوجاته -رضي الله عنهنّ-.[٢]
ثم استكمل -صلى الله عليه وسلم- تأسيس الحجرات الباقية عند الحاجة إليها، أيّ عندما كان يعقد على زوجة جديدة، وقد كان بعضها مبنياً من الطين والحجارة واللِبن، وبعضها الآخر من جذوع النخل، وقد غُطيت بالطين، كما كانت أسقفها جميعها من جريد النخل، وكان طول جدرانها ثلاثة أذرع.[٢]
ولم تكن الحجرات ذات ارتفاع، أو متطاولة في البنيان؛ ففي الصحيح عن الحسن البصريّ أنّه قال: (كُنْتُ أَدْخُلُ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في خِلافَةِ عثمانَ بنِ عفانَ، فَأَتَناوَلُ سُقُفَها بِيَدِي)،[٣][٤] وتذكر المصادر أنّ باب حجرة عائشة -رضي الله عنها- كان مصنوعاً من خشب العرعر، أو من خشب الساج على أحد الأقوال.[٢]
موقعه
يقع بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- شرقي المسجد النبويّ الشريف، وكان بابه يفتح على الروضة الشريفة؛ فقد ثبت في الصحيح أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُدني رأسه عند أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وهو معتكف في المسجد؛ ففي الحديث: (كانَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يُدني رأسَهُ إليَّ، وأَنا حائضٌ، وَهوَ مُجاورٌ -تعني معتَكِفًا- فأغسِلُهُ، وأرجِّلُهُ).[٥][١]
محتويات بيت النبي صلى الله عليه وسلم
بيّنت العديد من الروايات والأحاديث النبويّة طبيعة محتويات بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان فيه من أثاث؛ فقد كان متواضعاً، بسيطاً، يعكس زهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ومدى ترّفعه عن زينة الدنيا ومظاهرها، ونذكر من ذلك:[٦]
- الحصير؛ ففي الحديث عن عمر بن خطاب -رضي الله عنه- أنّه بكى لمّا رأى أثر الحصير على جسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: (... وإنَّه لَعَلَى حَصِيرٍ ما بيْنَهُ وبيْنَهُ شَيءٌ... فَرَأَيْتُ أثَرَ الحَصِيرِ في جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقالَ: ما يُبْكِيكَ؟ فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ كِسْرَى وقَيْصَرَ فِيما هُما فِيهِ، وأَنْتَ رَسولُ اللَّهِ! فَقالَ: أَمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ لهمُ الدُّنْيَا ولَنَا الآخِرَةُ).[٧][٨]
- وسائد من الجلد المدبوغ، محشوة بالليف؛ وهو فراش النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد صحّ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (إنَّما كانَ فراشُ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- الَّذي ينامُ عليهِ أَدَمٌ حشوُه ليفٌ).[٩]
- سرير قوائمه من خشب الساج؛ وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تنام عليه؛ ففي الحديث: (... واللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي وإنِّي علَى السَّرِيرِ بيْنَهُ وبيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً، فَتَبْدُو لي الحَاجَةُ، فأكْرَهُ أنْ أجْلِسَ، فَأُوذِيَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأنْسَلُّ مِن عِندِ رِجْلَيْهِ).[١٠][١١]
المراجع
- ^ أ ب "الحجرة النبوية الشريفة"، وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أيوب صبري باشا، موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب، صفحة 259-260، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في الأدب المفرد، عن الحسن البصري، الصفحة أو الرقم:351، صححه الألباني.
- ↑ أحمد محمود الشوابكة، الأثر الثمين في نصرة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:522، صححه الألباني وله شاهد عند البخاري.
- ↑ مجير الدين العليمي، التاريخ المعتبر في أنباء من غبر، صفحة 218، جزء 1.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4913، صحيح.
- ↑ ابن المبرد، محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، صفحة 252-253، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1761، صححه الألباني.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:514، صحيح.
- ↑ أحمد محمود الشوابكة، الأثر الثمين في نصرة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، صفحة 38. بتصرّف.