سبب تسمية النبي بالأمي
يقول -سبحانه وتعالى- في وصف النبي -صلى الله عليه سلم-: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ...)،[١] وقال -تعالى-: (... فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).[٢]
ولقد تعدت أقوال أهل العلم في سبب تسميّة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالأميّ على النحو الآتي:[٣]
- سمّي بذلك نسبةً إلى أمّ القرى مكة المكرمة؛ التي قال فيها -سبحانه-: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا...).[٤]
- سمّي بذلك نسبةً إلى عدم معرفته القراءة والكتابة -صلى الله عليه وسلم-؛ وقد نسب هذا المعنى إلى الأمّ لبيان أنّ الجاهل بالقراءة والكتابة بقي على حاله الذي ولدته أمّه؛ من عدم الكتابة والقراءة.
- سمّي بذلك نسبةً إلى الأمّة؛ وذلك لأنّ العرب بمجملهم كانوا لا يستطيعون الكتابة.
أدلة أميّة النبي صلى الله عليه وسلم
رجّح جمعٌ من أهل العلم أنّ وصف النبي -صلى الله عليه وسلم بالأميّة في الآيات الكريمة سابقة الذكر يعود إلى عدم تعلّمه -عليه الصلاة والسلام- القراءة والكتابة، وإن كان القول بالأسباب الأخرى لا يمنع من إثبات أميّته -صلى الله عليه وسلم-، وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:[٥]
- إنّ وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا كان مذكوراً مثبتاً في الكتب السماوية السابقة.
- توضيح الله -سبحانه- أميّة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله -تعالى-: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)؛[٦] فلولا أميّة النبي لارتاب المشركون، ولقالوا: "إنّما جئت بهذا القرآن من الكتب التي تقرؤها"، ونحو ذلك من التشكيك.
- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتخذ كُتاباً يكتبون له الرسائل للوفود والقبائل، كما اتخذّ كُتّاباً للوحي.
- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ أن يمحو كلمة "رسول الله"؛ وذلك في أثناء وثيقة صلح الحديبية؛ عندما اعترضت قريش على ذلك، فلمّا رفض علي -رضي الله عنه- محوها، طلب منه أن يشير إليها؛ فأشار إليها علي ومحاها النبي -صلى الله عليه وسلم-،[٧] ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم القراءة والكتابة لما طلب ذلك من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
- إجماع الأمّة الإسلاميّة سلفاً وخلفاً على أميّته -صلى الله عليه وسلم-.
- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث الثابت: (إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا).[٨][٩]
الحكمة من أميّة النبي صلى الله عليه وسلم
إنّ الله -سبحانه- جعل أميّة النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل صدق وشاهد حقّ على نبوته، وتقوية حجّة القرآن الكريم الذي أُوحي إليه؛ وذلك لأنّه -صلى الله عليه وسلم- لم يتعلّم القراءة والكتابة، ولكنّه كان يتلو الآيات على الوجه الصحيح، ويأتي بكلام من الله -تعالى- في منتهى البلاغة والفصاحة، ولو كان يعلم الكتابة والقراءة لطعن المشركون في القرآن الكريم من هذا الباب.[١٠]
كما أنّ أميّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت موافقة لبشارة الأنبياء -عليهم السلام-؛ الذين بشّروا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، بالإضافة لموافقته -صلى الله عليه وسلم- بهذه الأميّة لحال الأنبياء الآخرين -عليهم السلام-، حيث إنّ الأميّة لا تتعارض مع النبوة، وليست ممتنعة عن أنبياء الله -تعالى-.[١٠]
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية:157
- ↑ سورة الأعراف، آية:158
- ↑ ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، صفحة 462، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية:7
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 123-127، جزء 45. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:48
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4869، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1913، صحيح.
- ↑ نور الدين الخادمي، علم المقاصد الشرعية، صفحة 137. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام، صفحة 44، جزء 8. بتصرّف.