ما هو حصار الشعب؟

هي الحادثة التي وقعت في السنة السابعة للبعثة، واستمرّت لمدة ثلاث سنوات؛ فقد انتهت في السنة العاشرة على القول الرّاجح عند أهل العلم، وتسمّى أيضاً بمقاطعة بني هاشم؛ إذ إن قريش طلبت من بني هاشم وبني عبد المطلب أنْ يُسلّموا لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقتلوه؛ ولمّا رفض بنو هاشم -مؤمنهم وكافرهم- ذلك؛ اتفقت قريش على أن يقاطعوهم؛ بأن يمتنعوا عن:[١]

  • تزويجهم، أو الزواج منهم.
  • مجالستهم ومخالطتهم، أو حتى الكلام معهم.
  • بيعهم والشراء منهم.
  • دخول بيوتهم.


وقد كتبوا هذه البنود في صحيفة، وعلّقوها داخل الكعبة المشرّفة، مما جعل بنو هاشم وبنو عبد المطلب باستثناء أبي لهب -عمّ النبي صلى الله عليه وسلم- يخرجون إلى شعب أبي طالب؛ وقد أُعلن عليهم الحصار، وأُعلنت عليهم المقاطعة.[٢]


شدّة الحصار

ضاق الأمر على المسلمين كثيراً بسبب هذا الحصار، حتى اضّطر بعضهم إلى أكل الجلود وأوراق الشجر؛ ليخفّفوا من شدّة جوعهم، كما كانت تسمع أصوات نسائهم وأطفالهم يبكون من شدّة الجوع، ولم يتمكنوا من توفير حاجاتهم إلا ما أُتيح لهم سرّاً؛ مما كان يصل إلى مكة المكرمة من خارجها، أو ممّا كان يصلها في موسم الحجّ، ومع ذلك لم يسلموا من تجبّر قريش بهم، ومن استحواذهم على هذه البضائع والتجارة، ومن مغالاتهم في ثمنها.[١]


وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه الحادثة العصيبة بذكره اجتماع أهل الكفر على المسلمين؛ في منطقة خيف كنانة؛ إذ ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (قالَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الغَدِ يَومَ النَّحْرِ وهو بمِنًى: نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا علَى الكُفْرِ، يَعْنِي ذلكَ المُحَصَّبَ، وذلكَ أنَّ قُرَيْشًا وكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ علَى بَنِي هَاشِمٍ وبَنِي عبدِ المُطَّلِبِ -أَوْ بَنِي المُطَّلِبِ-؛ أَنْ لا يُنَاكِحُوهُمْ ولَا يُبَايِعُوهُمْ، حتَّى يُسْلِمُوا إلَيْهِمُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).[٣][١]


انتهاء حصار الشعب

ذكرت بعض كتب السيرة النبويّة أنّ الله -سبحانه- هيأ أسباباً لفك هذا الحصار، كان أولها تحرّك أهل النّخوة من العرب؛ وسعيّهم في التخفيف عن بني هاشم، فيُقال إنّ رجلاً من بني عامر اسمه هشام بن عمرو كان يأتي الشعب، ويزوّد القوم بالطعام سرّاً، وقد بقي على ذلك فترةً من الزمن، حتى أحسّ أنّ ما يفعله لا يكفي لإنهاء الظلم، وشدّة تعنّت قريش؛ فذهب يبحث بين القبائل العربيّة عمن يسانده، ويُلغي بنود الصحيفة، ويُعيد الأمور إلى مسارها الصحيح.[٤]


ولجأ هذا الرجل إلى زهير بن أميّة المخزوميّ؛ وهو ابن عمة النبي -صلى الله عليه وسلم- عاتكة بنت عبد المطلب؛ فاستحثّه على نصرة أخواله من بني هاشم، حتى قام معه للبحث عن طرف ثالث يعينهم، فوجدوا المطعم بن عدي من بني نوفل؛ ثم بحثوا عن رجل رابع، فكان أبي البختري بن هشام، ثم عن رجل خامس، فكان زمعة بن الأسود الأسديّ؛ وقد أجمع القوم أمرهم، وتوجّهوا إلى قريش.[٤]


وقد واجهوهم في حقيقة مقاطعتهم؛ أنّها ما كانت إلا قطيعةً للرّحم، واستخفافاً بالحقّ؛ حتى أجمعوا أمرهم على نقض الوثيقة وحلّ المقاطعة؛ فبعث الله -تعالى- على صحيفتهم دودة تُسمّى "الأرَضَة"، أكلت الصحيفة وما كان فيها من عهود باستثناء اسم الله -تعالى-، وقيل إنّها أكلت الصحيفة كلها باستثناء بنودهم وعهودهم الظالمة؛ وقد أخبر الله -تعالى- نبيّه بذلك، فلمّا حدّثهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الأمر، توجّهوا إلى الصحيفة، فوجدوها كما قال لهم رسول الله -صلى الله عليه-، وبذلك انتهى الحصار، وانتهت المقاطعة.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية، صفحة 262، جزء 1. بتصرّف.
  2. ابن كثير، السيرة النبوية من البداية والنهاية، صفحة 48، جزء 2. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1590، صحيح.
  4. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 7، جزء 10. بتصرّف.
  5. أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، صفحة 552-553. بتصرّف.