قصة أم معبد مع رسول الله
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أينما حلّ وارتحل بشرى للخير والسعادة والبركات؛ فقد كان -صلوات ربي عليه- وجه الخير على أم معبد الخزاعيّة كما كان وجه الخير على مرضعته حليمة السعديّة؛ وذلك بما أنعم الله -تعالى- عليها بما لم تكن تتوقعه ببركة حلول النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبما لم تتصوره من الأسباب، وللتفصيل في ذلك نبيّن هذه القصّة على النحو الآتي:
قدوم رسول الله على أم معبد
مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بخيمة امرأة تُدعى أم معبد الخزاعيّة، وقد كان يرافقه صاحبه أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه-، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أريقط، وقد كانت هذه المرأة قوية كبيرة في السنّ، تجلس بفناء خيمتها، فسألها القوم -النبي صلوات الله عليه وأصحابه- تمراً وزاداً، أو لحماً يشترونه منها، لكنّهم لم يجدوا عندها شيئاً، وقد أصابهم الجوع الشديد ونفاذ الزاد لطول طريقهم.[١]
شاة أم معبد
نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى خيمة أم معبد، فرأى فيها شاةً هزيلة، مما جعله -صلى الله عليه وسلم- يسأل أم معبد عنها، فأجابت بأنّها شاة لا نفع فيها، تخلّفت عن باقي الأغنام لهزلها، وقلّة لبنها، فستأذنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحلبها، فوافقت أم معبد، وهي تخبره بأنّ هذه الشاة أضعف من أن يكون فيها لبنٌ يسدّ الجوع، ولكنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اقترب من الشاة، ومسح على ضرعها، ودعا بالبركة.[٢]
ثم دعا بإناء ليضع فيه اللبن، فما كان من بعد هذا الدعاء إلى حلول البركات والخيرات؛ فقد امتلأ ضرع هذه الشاة حتى فرجت بين قدميها من ثقل ضرعها، وتهيأت للحلب، فحلبها النبي -صلى الله عليه وسلم- وشرب منها حتى ارتوى، وشرب أصحابه حتى ارتووا، وشربت أم معبد كذلك حتى ارتوت، بعدها استأذن القوم بالخروج، وساروا في طريق هجرتهم، وقد تقووا على ذلك بما أكرمهم به المولى من لبن تلك الشاة، ومن بركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٢]
قدوم أبي معبد
عاد زوج أم معبد أبو معبد بالمساء، وقد رأى اللبن وما صار إليه حال الشاة الهزيلة؛ فتعجّب من ذلك وسأل زوجته عن السبب، فأخبرته بأنّ رجلاً -تقصد النبي صلى الله عليه وسلم- وضّاء الوجه، جميل المنطق، كثير البركات قد حلّ بخيمتها، وصنع بشاتها ما صنع؛ فقال أبو معبد بأنّ هذا هو رجل قريش الذي يتحدّث عنه الناس، وقد تمنّى أبو معبد أن يصحب النبي -صلى الله عليه وسلم- ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.[٣]
التعريف بأم معبد
ذكر أهل السير والتراجم أنّ أم معبد الخزاعيّة، هي: "عَاتِكَةُ بِنْتُ تَبِيعٍ حَلِيفِ بَنِي مُنْقِذِ بْنِ رَبِيعَةَ بن أَصْرَم بن صنبيس بن حرَام بن خيسة بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو"، وقيل هي: "اتِكَة بنت خلف بن معبد ابْن رَبِيعَةَ بْنِ أَصْرَمَ"،[٤] وقيل هي: "عاتكة بنت خالد"،[٥] قيل إنّها هاجرت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسلمت، وأمّا زوجها فقد لحق بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا أدركه أسلم، وبايعه، ثم عاد إلى بيته.[٦]
المراجع
- ↑ محمد الطيب النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 183-184. بتصرّف.
- ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 71-72، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد الطيب النجار، القول المبين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 185. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، السيرة النبوية من البداية والنهاية، صفحة 257، جزء 2.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 475، جزء 8.
- ↑ العصامي، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، صفحة 352، جزء 1. بتصرّف.