عصر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-

هو المدة الزمنية التي وُلد وعَاش فيها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى وفاته، وينقسم ذلك العصر إلى قسمين، فالقسم الأول هو ما قبل البعثة، ومدته أربعون عاماً، لأن الوحي نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في سن الأربعين،[١] والقسم الثاني هو ما بعد البعثة، ومدته ثلاثة وعشرون عاماً، من نزول الوحي إلى وفاته -صلى الله عليه وسلم- فقد توفي في سن الثالثة والستين، وينقسم القسم الثاني من عصر النبوة إلى مرحلتين، هما المرحلة المكية ومدتها ثلاث عشرة سنة، قضاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته في مكة، والمرحلة المدنية ومدتها عشر سنوات، قضاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته في المدينة المنورة.[٢]



بم اشتهر عصر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؟

ما قبل البعثة

الحالة الدينية

كانت الوثنية هي دين غالبية العرب، فكانوا يعبدون الحجارة والأشجار والأصنام التي كانوا يصنعونها بأيديهم، وكانوا يعتقدون بأنها تُقربهم من الله، وبعضهم كان يعبد الملائكة ويسميهم بنات الله، وبعضهم كان يعبد الجن، وكانوا يُنكرون البعث، ويُنكرون أن يرسل الله رسولاً من البشر، وكانوا يُحلّلون ويحرّمون ما لم يأذن به الله، وكان بعض العرب يدينون بالنصرانية واليهودية، وكان بعضهم يدين بالحنيفية دين إبراهيم -عليه السلام-.[٣]

الحالة الاجتماعية

كان العرب في الجاهلية متفرقين متناحرين، يتفاخرون بأنسابهم وقبائلهم، وكانوا يشتهرون بالفصاحة والبلاغة وقول الشعر، وكانت المرأة عند بعضهم كالمتاع، فكان الابن يتزوج زوجة أبيه بعد موته، ولم يكن لديهم حدّ لعدد الزوجات، وكانوا يسيئون عشرة النساء، ويظلمونهن، وكانوا يقتلون البنات خشية العار، ويقتلون الأولاد خشية الفقر، وكانت الحروب تقوم بينهم لأتفه الأسباب، كحرب البسوس، وداحس والغبراء، وكان غالب العرب أميّين لا يجيدون القراءة والكتابة والحساب.[٤]


الحالة الأخلاقية

كانت لدى العرب إلى جانب الشرك والجهل الذي كان مسيطراً عليهم، الكثير من الأخلاق الذميمة المنتشرة بين الكثيرين منهم، كالعصبية القبلية، والظلم والطغيان والثأر وسفك الدماء وأكل الأموال بالباطل، ولعب الميسر، وشرب الخمر، والزنا، والفواحش وغير ذلك، ومع كل هذا فقد كان لدى بعضهم شيء من مكارم الأخلاق، كالشجاعة والكرم، والمروءة، والوفاء، وإغاثة الملهوف، والعفو عند المقدرة، وغيرها.[٥]


ما بعد البعثة

  • كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلّم التي جاء بها من عند الله تعالى، وقتما بُعث لقومه من جنس ما تميّزوا واشتهروا به، إذ كان القرآن الكريم المعجزة الأبرز في بيان عجزهم عن أن يأتوا بآية من مثله، رغم بلوغهم أعلى درجات الفصاحة والبلاغة والبيان، مما جعل الحجة عليهم أقوى وأدلّ، إضافة إلى أن الرجل الذي جاء بهذه المعجزة أميٌّ، إذ لم يتلق العلم والمعرفة من أحد من البشر، مما زاد هذه المعجزة أثراً بالغاً، وبرهاناً أشدّ؛ إذ تحدّاهم بما فيه مفخرتهم وشأنهم.[٦]
  • كانت بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الحدث الأعظم في تاريخ العرب، فقد غيرت حياتهم، وصحّحت أخطاءهم، ووجهتهم إلى الطريق القويم، فأخرجتهم من ظلمات الجهل والظلم والشرك، إلى نور العلم والعدل والإيمان، وقضت على كل مظاهر الجاهلية المقيتة، وجعلت منهم خير أمة أخرجت للناس. [٧]
  • وقد مكث النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى الإيمان بالله -تعالى-، ويربي المؤمنين على العقيدة الصحيحة، حتى امتلأت قلوبهم بالإيمان، وصاروا يسارعون في الامتثال لأمر الله، وحَسُنت أخلاقهم، حتى ضربوا أروع الأمثال في ذلك، وكانوا متعلّقين بالقرآن الكريم، متلهّفين لما ينزل منه، وقلوبهم مليئة بحبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- واتباعه وطاعته.[٧]
  • فأسسوا معه في المدينة المنورة أفضل مجتمع، وبنوا في مدة قصيرة أعظم دولة في التاريخ، فتحت مشارق الأرض ومغاربها وسادت الدنيا، وعاشوا تحت قيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- إخوة متحابين متعاونين، يسود فيما بينهم الصدق والأمانة والإيثار، فكان عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خير العصور والأزمنة على الإطلاق، جاء في الحديث: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ مِن بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهادَتُهُمْ أيْمانَهُمْ، وأَيْمانُهُمْ شَهادَتَهُمْ).[٨][٧]


المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 55. بتصرّف.
  2. الحسين عبد الغني أبو الحسن أحمد ماجد (26/4/2017)، "نشأة التشريع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 70-80. بتصرّف.
  4. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 86-93. بتصرّف.
  5. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 94-96. بتصرّف.
  6. علي الصلابي، اشتهر عصر النبي محمد؟&source=bl&ots=Bj-qEyTN6n&sig=ACfU3U3Rzl69T454WcXb4hesHUGQreKgIg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiKpcugpLP0AhXEhP0HHd7ZBJUQ6AF6BAgNEAM#v=onepage&q=بم اشتهر عصر النبي محمد؟&f=false الإيمان بالرسل والرسالات، صفحة 196. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 206-214. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:6429 ، حديث صحيح.