وُلِد النبي صلى الله عليه وسلم يتيم الأب؛ فقد مات والده عبد الله حين كان صلى الله عليه وسلم جنينًا في بطن أمه، وماتت أمه وهو لا يزال طفلًا صغيرًا، فتكفل جده عبد المطلب برعايته، وعاش في كنفه في مكة، وكان يصحبه في مجالسه ويحبه حبًّا شديدًا، لكن السؤال هنا هو متى كفل عبد المطلب حفيده صلى الله عليه وسلم، وكم كانت فترة رعايته؟


متى كفل عبد المطلب الرسول؟

كفل عبد المطلب حفيده صلى الله عليه وسلم حين وافت أمه آمنة بنت وهب المنية، وكان حينها صلى الله عليه وسلم في السادسة من عمره عائدًا برفقة أمه وأم أيمن حاضنته من يثرب بعد زيارة قبر أبيه ودار أخواله من بني النجار، وفي طريق عودتهم باغت الموت آمنة في منطقة الأبواء، ودُفنت أمام عيني الرسول صلى الله عليه وسلم ليعود إلى مكة لجده عبد المطلب فيتكفل برعايته، وفي طيات رعايته حبٌ شديد نابع من فقده لابنه عبد الله، ومن تميز هذا الغلام الحسن الذي غمره الشوق له بعد أن قضى رضاعته في بني سعد عند مرضعته حليمة السعدية، واستمرت كفالته مدة عامين حتى أحسَّ عبد المطلب باقتراب منيته، فعهد برعايته إلى أحد أبنائه وهو أبو طالب الشقيق من الأب والأم لعبد الله والد الرسول، وكان عمره صلى الله عليه وسلم آنذاك قرابة ثماني سنوات.[١]


مظاهر اهتمام عبد المطلب بالرسول

خشي عبد المطلب حين كفل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصيبه أثر من العزلة بسبب يتمه فيؤثر ذلك على نشأته وشخصيته، فكان له اهتمام واضح وبارز به، فهو ابن عبد الله أيضًا الذي مات في شبابه، وهو الذي سماه محمدًا في مكة حين ولادته، وفيما يأتي عرض لبعض مظاهر اهتمام عبد المطلب بالرسول:[٢]

  1. تسميته بمحمد ليحمده من في الأرض والسماء، وكان العرب لا يألفون هذا الاسم.
  2. السماح لمحمد فقط وهو صغير بالجلوس على فراشه في ظل الكعبة.
  3. الامتناع عن النوم إلى أن ينام محمد صلى الله عليه وسلم.
  4. الخوف عليه والخشية من فراقه، وحدث أن أرسل عبد المطلب محمدًا في حاجة فتأخر وعندها خاف عليه خوفًا شديدًا.


كفالة أبي طالب للرسول

حين توفي جد الرسول صلى الله عليه وسلم، كفله عمه أبو طالب شقيق والده من الأب والأم، فهما الاثنين أبناء فاطمة بنت عمرو من بني مخزوم، وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حينها ثماني سنوات، فرعاه عمه حق الرعاية، ولازمه وصاحبه في نشأته، وكان أبو طالب ذا ضيق في ماله فبارك الله رزقه وماله برعايته للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان له سندًا وعونًا حتى بعد بعثته صلى الله عليه وسلم، فكان يذود عن رسول الله الأذى رغم شركه، وحين توفاه الله كان قد مات على الشرك وسمي العام الذي مات فيه بعام الحزن؛ لشدة حزنه صلى الله عليه وسلم على موت أبي طالب وموت زوجته خديجة، وكان أبو طالب من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم.[٣]


المراجع

  1. سعد المرصفي، كتاب الجامع الصحيح للسيرة النبوية، صفحة 481، جزء 2. بتصرّف.
  2. موسى بن راشد العازمي، كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 106، جزء 1. بتصرّف.
  3. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 9، جزء 184. بتصرّف.