كان لعبد المطّلب بن هاشم جدِّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- دورٌ كبيرٌ وأثرٌ بالغٌ في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- منذ ولادته وأثناء طفولته وصغره، وتمثّل ذلك في مواطن ومواقف عدَّةٍ نقلتها كتب التاريخ والسِّير، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرز هذه المواقف التي تبيّن أثر عبد المطلب في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


دور عبد المطلب في حياة النبيّ

جاءت كتب السيرة النبويّة وبعض كتب التاريخ على ذكر عددٍ من المواقف لعبد المطّلب مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، حتى من قبل ولادة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وعند التبشير بولادته، وبعد وفاة أمّه، إلى أن وافت المنيَّة عبد المطّلب، وفيما يأتي بيانٌ لهذه المواقف التي تبرز دور عبد المطّلب في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


عناية عبد المطلب بوالد النبيّ وتزويجه

كان عبد الله والد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أصغر أبناء عبد المطّلب، وأحبّهم وأقربهم إليه، واختار عبد المطّلب أن يزوّج عبد الله من أكمل نساء قريش وأفضلهنّ، وأرفعهنّ نسبًا؛ فخطب له آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزوّجها إيّاها؛ فكانت أمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والراعية له بعد وفاة أبيه وهو جنينٌ في بطنها، من أحسن النساء،[١] فأحسن عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- قبل ولادته بأن اختار له أمًّا صالحةً من نسبٍ كريمٍ.


تسمية النبي وختانه وأداء العقيقة له

فرح عبد المطّلب واستبشر حين أرسلت له آمنة أمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تخبره بولادته، وكان من عادة العرب أن تختن المولود في اليوم السابع من ولادته؛ فختن عبد المطّلب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في اليوم السابع لولادته، وذبح كبشًا؛ ليكون عقيقةً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأقام مأدبةً لذلك، كما أنّ تسمية النبيّ -عليه الصلاة والسلام- باسم محمَّدٍ كان من اختيار عبد المطّلب، ولم يكن اسم محمَّدٍ دارجًا ومعروفًا في قريش، وقيل في سبب تسمية عبد المطلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بهذا الاسم؛ ليكون النبيّ -عليه الصلاة والسلام- محمودًا بين الناس.[٢]


وقيل في سبب تسمية عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- باسم محمَّدٍ، أنّ عبد المطّلب في أحد أسفاره للتجارة إلى الشام، التقى براهبٍ؛ فسأله: من أين هو؟ فأجابه أنّه من مكة، فأخبره الكاهن أنّه سيخرج من مكّة نبيٌّ اسمه محمَّدٌ؛ فعزم عبد المطّلب أن يسمّي من سيرزق له من الأولاد باسم محمَّدٍ، ولمّا ولد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لابنه عبد الله؛ سمّاه عبد المطّلب محمّدًا.[٢]


كفالة عبد المطلب للنبي

توفّيت آمنة بنت وهبٍ أمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حين كان عمره ستّ سنواتٍ؛ فكفله بعد أمّه جدّه عبد المطّلب، وكان يحبّه حبًّا شديدًا، وأولاه عنايةً بالغةً؛ فكان يخصّه ويقدّمه على أبنائه، ومن ذلك أنّه كان إذا جلس ليأكل نادى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ليأكل معه، وكان لعبد المطّلب فراشٌ في ظلّ الكعبة، يجلس أبناؤه حوله، ولم يكن أحدٌ منهم يجلس على فراش عبد المطّلب؛ إجلالًا له، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهو طفلٌ صغيرٌ كان يأتي إلى فراش عبد المطّلب ويجلس عليه؛ فيحاول أعمامه أن يبعدوه؛ فينهاهم عبد المطّلب، ويجلس النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بجانبه ويمسح على ظهره، وبقي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في كفالة عبد المطّلب إلى أن توفّى الله -تعالى- عبد المطّلب وكان عمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حينها ثماني سنواتٍ.[٣]


المراجع

  1. محمد الخضري، نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، صفحة 9. بتصرّف.
  2. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 80-82. بتصرّف.
  3. عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 168-169. بتصرّف.