منبر النبي

يصعد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى منبره يخطب بالمسلمين والعباد ليرتقوا بعد خُطبته في أخلاقهم وتعاملاتهم وعباداتهم، فكان منبره منارةً للهدى والحقّ، وكانت خُطبه فصيحةً بليغةً ترغّب المسلمين بالإقبال على ربّهم وتُنذرهم الإدبار عنه.[١]


ما هي صفات منبر النبي؟

صُنع منبر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من خشب الأثل؛ وهو شجرٌ لا شوك له، وكان صغيراً وقصيراً، ولم يُزيّن بالنقوش والزخارف فكان متواضعاً، وجُعلت له ثلاث درجاتٍ؛ الثانية منهن يقف عليها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للخُطبة، والثالثة يجلس ويستريح عليها، وجُعلت مسافةٌ كافيةٌ بين منبره والحائط للمشي والمرور بحيث لا يقطع صفّاً من صفوف الجماعة ولا يؤذي أحد المصلّين.[٢]


بناء منبر النبي

كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يخطب بالمسلمين يوم الجُمعة قائماً مُستنداً على جذع شجرةٍ، وشاور أهل الرأي من الصحابة -رضي الله عنه- بصُنع منبرٍ بعد أن شقّ عليه الوقوف للخُطبة،[٣] وفي قصة بناء منبره -عليه الصلاة والسلام- ورد عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّه حدّث الناس وأخبرهم أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- طلب من امرأةٍ يعمل لديها غلامٌ عالمٌ بأمور النجارة أن يصنع له منبراً يقف ويجلس عليه ليُخطب بالمسلمين ويذكّرهم بأمور الدِّين، وبذلك يكون صوته مسموعاً، كما أنّه أدّى الصلاة عليه ليقتدي به المصلّين ويعلّمهم كيفية الصلاة الصحيحة.[٤]


وقد ثبت ذلك فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: (أنَّ نَفَرًا جَاؤُوا إلى سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قدْ تَمَارَوْا في المِنْبَرِ مِن أيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقالَ: أما واللَّهِ إنِّي لأَعْرِفُ مِن أيِّ عُودٍ هُوَ، ومَن عَمِلَهُ، ورَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أوَّلَ يَومٍ جَلَسَ عليه، قالَ: فَقُلتُ له: يا أبَا عَبَّاسٍ، فَحَدِّثْنَا، قالَ: أرْسَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى امْرَأَةٍ، قالَ أبو حَازِمٍ: إنَّه لَيُسَمِّيَهَا يَومَئذٍ، انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لي أعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا فَعَمِلَ هذِه الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ، ثُمَّ أمَرَ بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَوُضِعَتْ هذا المَوْضِعَ، فَهي مِن طَرْفَاءِ الغَابَةِ. ولقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَامَ عليه فَكَبَّرَ وكَبَّرَ النَّاسُ ورَاءَهُ، وهو علَى المِنْبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ القَهْقَرَى حتَّى سَجَدَ في أصْلِ المِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ، حتَّى فَرَغَ مِن آخِرِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أقْبَلَ علَى النَّاسِ فَقالَ: يا أيُّها النَّاسُ إنِّي صَنَعْتُ هذا لِتَأْتَمُّوا بي، ولِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي).[٥][٤]


ما فضل منبر النبي؟

وردت العديد من الفضائل لموضع منبر النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، يُذكر منها:[١]

  • فُضّل موضع منبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- على غيره من المواضع استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن زيد الأنصاريّ -رضي الله عنه-: (ما بيْنَ بَيْتي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ).[٦]
  • قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مِنبَري هذا علَى تُرعةٍ مِن تُرَعِ الجنَّةِ)،[٧] أي أنّ موضع المنبر له مكانةٌ خاصةٌ ومنزلةٌ جليلةٌ.


المراجع

  1. ^ أ ب أبو الحاكم زياد المرواني الجهني (6/6/2017)، "قبسات زكية حول منبر خير البرية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  2. محمد صالح المنجد (3/12/2012)، "صفة منبر النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  3. ابن حبيب الحلبي، المقتفى من سيرة المصطفى، صفحة 92-93. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عبدالمحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 15. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:544، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن زيد الأنصاري، الصفحة أو الرقم:1195، صحيح.
  7. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:5/479، إسناده صحيح على شرط الشيخين.