قصة حفر زمزم مع عبد المطلب

بئر زمزم

هي بئر الماء المشهورة في المسجد الحرام، في مكة المكرمة، وتبعد عن الكعبة المشرفة حوالي أربعين ذراعاً، وهو ما يعادل 22 متراً، وعمقها قريب من ذلك أيضاً، وهو يصل إلى 30 متراً، وأول من قام بعمارة بئر زمزم هو الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولزمزم أسماء عديدة، منها مُروية، ونافعة، وعافية، وميمونة، وبركة، ومضنونة، وكافية، وغيرها، واختُلف في سبب تسميتها زمزم، فقيل: لكثرة مائها، وقيل: لحركته، وقيل: لزمِّ هاجر لها، أي حصر مائها وضمّه بالتراب، وقيل: لأن عبد المطلب جد النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في منامه من يقول له احفر زمزم،^[١] وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل ماء زمزم، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ).^[٢][٣]

قصة حفر بئر زمزم مع عبد المطلب

وردت قصة حفر عبد المطلب لماء زمزم في أكثر من مصدر، وقد رُويت بسند حسن، عن عبد الله بن زرير الغافقي، قال: (سمعتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ وهو يُحدِّثُ حديثَ زمزمَ قال: بينا عبدُ المطلبِ نائمٌ في الحِجرِ أُتِيَ فقيل له: احفُرْ بَرَّةً، فقال: وما بَرَّةُ؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغدُ نام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفِرِ المضنونةَ، قال: وما المضنونةُ؟ ثم ذهب عنه، حتى إذا كان الغدُ فنام في مضجعِه ذلك فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ طَيْبَةَ، فقال: وما طَيْبَةُ؟ ثم ذهب عنه، فلما كان الغدُ عاد لمضجعِه فنام فيه فأُتِيَ فقيل له: احفِرْ زمزمَ، فقال: وما زمزمُ؟ فقال: لا تُنزَفُ، ولا تُذمُّ. ثم نعت له موضعَها فقام يحفرُ حيثُ نُعِت).^[٤][٥]

عندما بدأ عبد المطلب بحفر البئر بمعوله، ومعه ابنه الحارث، علمت قريش بالأمر، فأرادت أن تشارك عبد المطلب فيها، فرفض وقال لهم بأن هذا الأمر خُصَّ به وحده، فخاصموه، واتفقوا أن يتحاكموا إلى هُذيم كاهنة بني سعد، في أرض الشام، فانطلقوا إليها، فنفد الماء الذي معهم في الطريق، وكادوا أن يهلكوا، حتى خرج ماء من تحت خُفِّ راحلة عبد المطلب، فشربوا منه، فعرفوا أنه على حق، فقالوا له: (يا عبدَ المطلبِ! قد واللهِ قُضِيَ لك، إنَّ الذي سقاك الماءَ بهذه الفلاةِ، لهو الذي سقاك زمزمَ، انطلِقْ فهي لك، فما نحن بمخاصِميكَ).^[٤][٦]

من حفر بئر زمزم قبل عبد المطلب؟

أول من حفر بئر زمزم هو جبريل -عليه السلام-، وذلك كي يسقي إسماعيل -عليه السلام- عندما عطش وهو طفل رضيع، وذلك بعد أن نفد الماء الذي مع أمه هاجر، حينما تركها إبراهيم -عليه السلام- في وادي مكة وعاد إلى الشام، فجف لبنها من العطش، وكاد ولدها أن يموت، فخرجت حتى لا تراه يموت أمام عينيها، فجاء إليها جبريل فضرب بعقبه الأرض فخرج الماء، وصارت هاجر تحصر الماء بيديها، وقد تحدث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قالَ: لو لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ- لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا)،^[٧]ثم حفرها إبراهيم الخليل -عليه السلام- مرة أخرى، ثم دُفنت وبقيت غائبة لا يُعرف موضعها لأكثر من خمسمائة عام، حتى حفرها عبد المطلب جد النبي -صلى الله عليه وسلم- وظهرت من جديد.^[٨]