أطلقت قريش على عبد المطّلب بن هاشم جدّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لقب: الفيّاض، وقيل: الفيض، ولُقّب بالفيّاض؛ لسمحاته، ولما عُرف به بينهم من الكرم، والسخاء، والبذل، وقيل إنّه عُرف بشيبة الحمد؛ لكثرة حمد الناس وذكرهم له؛ لما له من فضائل ومآثر بينهم.[١]


مواقف عبد المطّلب مع قريش

أوردت كتب التاريخ والسير مواقف وشواهد عديدةٌ لما كان لعبد المطلب من فضلٍ ومنزلةٍ بين قومه، وقصصٍ تبيّن دوره في خدمة قريش وغيرهم، وآتيًا ذكرٌ لبعض هذه المواقف والقصص.


تولّي عبد المطّلب للسقاية والرفادة

كانت سقاية الحجّاج الذين يقدمون من القبائل العربيّة إلى مكّة المكرّمة ورفادتهم وضيافتهم مسؤوليَّة عبد المطّلب ومهمّته؛ وذلك لما له من منزلة ومكانةٍ ونسبٍ عالٍ شريفٍ بين قومه،[١] ولما اشتهر به بينهم من الحِلم والحكمة.[٢]


حفر عبد المطّلب لبئر زمزم

كانت بئر زمزم التي أكرم الله -تعالى- بها نبيّه إسماعيل وأمّه هاجر -عليهما السلام- قد دُفنت بالرمال مع تقادم الزمن، واحتاجت قريش إلى الماء؛ فرأى عبد المطلّب في منامه رؤيا لهاتفٍ يدعوه أن يحفر بئر زمزم، ولم يكن عبد المطّلب يعلم مكانها، وتكرّرت رؤيته لهذه الرؤيا لثلاث مرّات، وأُخبر في الرؤيا الثالثة عن إشارات وعلاماتٍ تدلّ على مكانها؛ فاتّجه عبد المطّلب إلى مكانٍ بحسب ما ورده في الرؤيا من علامات، وبدأ بحفر البئر هو وابنه الحارث، ورفض أن يُساعده غيره من أهل قريش، ونبعت الماء من بئر زمزم بعد حفر عبد المطّلب لها.[٣]


نذر عبد المطّلب

تذكر الروايات التاريخيَّة أنّ عبد المطّلب كان قد نذر لله -تعالى- إن رزقه بعشرةٍ من الأبناء الذكور؛ أن يذبح أحدهم قربانًا، فلمّا رزقه الله -تعالى- بعشرةِ من الأبناء، قرّر أن يُجري قرعةً بين أبنائه العشرة، ويذبح من تقع عليه القرعة، ووقعت القرعة على أصغر أبنائه: عبد الله والد النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وهو أصغر الأبناء وأحبّهم إلى عبد المطّلب، وحزن عبد المطّلب وشقّ عليه أن يذبحه، فأشار عليه قومه أن يذهب إلى عرّافةٍ في الحجاز ليستشيرها؛ فأخبرته أن يجري قرعةً بين ابنه وعشرٍ من الإبل ويزيد على الإبل عشرةً في كلّ مرَّةٍ تقع القرعة فيها على ابنه، إلى أنّ تقع القرعة على الإبل فيذبحها بدلًا من ابنه، ففعل ذلك إلى أن ذبح مئةً من الابل بدلًا من ابنه.[٣]


موقف عبد المطلب في واقعة الفيل

هجم أبرهة الأشرم على مكَّة المكرّمة مع جيشٍ له على فيلةٍ؛ قاصدًا هدم الكعبة، ولمّا دخل استولى على أغنامٍ وإبلٍ لعبد المطّلب، فواجهه عبد المطّلب وطلب منه أن يردّ إليه إبله؛ فاستغرب منه أبرهة بأنّه طلب إبله ولم يحدّثه عن الكعبة؛ فأجاب عبد المطّلب أنّه ربّ الإبل والغنم أي صاحبها، أمّا الكعبة؛ فهي بيت الله، وللبيت ربٌّ يحميه، وأعطاه أبرهة إبله وغنم، وعاد عبد المطّلب إلى قومه يأمرهم بأن يختبئوا ويحتموا في الأودية والشِّعاب؛ لإدراكه عدم قدرتهم على مواجهة أبرهة وجيشه، وحمى الله -تعالى- بيته من كيد أبرهة وجيشه بأن أرسل عليهم طير أبابيل أهلكتهم.[٤]


عبد المطلب في حياة النبي

استبشار عبد المطلب بولادة النبي وتسميته

حين بلغ عبد المطلب خبر ولادة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فرح واستبشر، وعقّ عنه بكبشٍ بعد أن أتمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الأسبوع من عمره، وأسماه محمدًا، ولم تكن العرب من قبل تعرف هذا الاسم، إلّا أنّ عبد المطّلب أسماه به؛ حتى يحمده الله -تعالى- في السماء، ويحمده الناس في الأرض.[٥]


كفالة عبد المطلب للنبي بعد وفاة أمّه

كانت كفالة عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة أمّه وهو طفلٌ صغير، وقد أكرمه وأحسن معاملته ورقّ له أكثر ممّا رقّ لأبنائه فكان يُقرّبه منه، ويجلسه معه في مجلسه، ولم يكن يأكل شيئًا إلّا وسأل عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ ليشاركه ويأكل معه.[٦]


المراجع

  1. ^ أ ب ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 66-69. بتصرّف.
  2. نور الدين الحلبي، إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون، صفحة 9. بتصرّف.
  3. ^ أ ب المطهر بن طاهر المقدسي، البدء والتاريخ، صفحة 113-116. بتصرّف.
  4. جواد علي، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 204-207. بتصرّف.
  5. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 80-81.
  6. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 106. بتصرّف.