كم كان عمر النبي عندما مات عبد المطلب؟

كان عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما مات جده عبد المطلب ثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام، وقد كفله بعد وفاة أمه آمنة بنت وهب، عندما كانت عائدة من زيارة قبر زوجها عبد الله، والد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان قبره بيثرب، فمرضت في الطريق، واشتد عليها المرض، فتوفيت بالأبواء بين مكة والمدينة، وكانت معها خادمتها أم أيمن، وكان عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- آنذاك ست سنوات،[١] فعادت أم أيمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، إلى جده عبد المطلب، فضمّه، وكفله، وقام برعايته، وكان عطوفاً عليه، يحبه حبّاً كبيراً، ويشفق عليه إشفاقاً عظيماً، فكان يتفقده، ولا يتركه وحده، ويقربه منه دائماً،[٢] وكان يحاول تعويضه عن حنان أبويْه، اللذيْن فقدهما وهو صغير، وكان يقول لأم أيمن: "يا بركة لا تغافلي عن ابني، فإني وجدته مع غلمان قريب من السدرة، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبيّ هذه الأمة".[٣]


محبة عبد المطلب للنبي -صلى الله عليه وسلم

رُويت في السيرة النبوية بعض المواقف التي تدلّ على شدة محبّة عبد المطلب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وعطفه عليه، منها:[٤]

  • كان عبد المطلب لا يأكل طعاماً حتى ينادي فيقول: "عَلَيَّ بِابْنِي" فيأتون له بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيجلس معه ويأكل.
  • كان عبد المطلب يملك إبلاً، فهربت منه إحداها، فأرسل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وراءها ليعود بها إليه، فتأخر النبي -صلى الله عليه وسلم- على غير عادته، فقد كان لا يتأخر عندما يرسله في أي حاجة، فقلق عليه عبد المطلب، وخاف عليه كثيراً، فذهب إلى الكعبة وأخذ يطوف حولها، ويدعو الله -تعالى- أن يرد له محمداً، وكان يقول: "رَبِّ رُدَّ إِلَيَّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا.. رُدَّهُ إِلَيَّ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا"، فلما عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يَا بُنَيَّ لَقَدْ جَزِعْتُ عَلَيْكَ جَزَعًا لَمْ أَجْزَعْهُ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ، وَاللَّهِ لا أَبْعَثُكَ فِي حَاجَةٍ أَبَدًا، وَلَا تُفَارِقُنِي بَعْدَ هَذَا أبدًا".
  • كان لعبد المطلب فِراش يوضع له في ظل الكعبة ليجلس عليه، فكان أبناؤه يجلسون حول الفراش قبل مجيئه، وكان لا يجرؤ أحد منهم على الجلوس على الفراش إجلالاً لأبيه، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي وهو غلام صغير فيجلس على الفراش، فيحاول أعمامه أن يبعدوه عنه، فيراهم أبوهم عبد المطلب فيقول لهم: "دَعُوا ابْنِي يَجْلِسُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَشَأْنًا، ثُمَّ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْفِرَاشِ، وَيَمْسَحُ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، وَيَسُرُّهُ مَا يَرَاهُ يَصْنَعُ".


وصية عبد المطلب لأبي طالب بكفالة النبي -صلى الله عليه وسلم-

وقبل أن يموت عبد المطلب أوصى ابنه أبا طالب أن يكفل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقوم برعايته وحمايته، وقد اختار عبد المطلب أبا طالب لهذه المهمة؛ لأن أبا طالب وعبد الله والدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هما أخوان شقيقان لأبٍ وأم، فأمهما هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ، فقام أبو طالب بكفالة النبي -صلى الله عليه وسلم- ونفّذ وصية والده على أكمل وجه، وكان لأبي طالب أولادٌ كثر، فجعل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- مُقَدَّماً عليهم في الرعاية والاهتمام.[٥]


المراجع

  1. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 48. بتصرّف.
  2. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 106. بتصرّف.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، صفحة 207. بتصرّف.
  4. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 106-107. بتصرّف.
  5. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 108. بتصرّف.