للرسول صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة في قلوب المسلمين كافة، وله من البركات والفضائل ما لم يمنحه الله عز وجل لغيره قط، فهو من خصه الله بحمل الرسالة؛ فقد أرسله الله عز وجل للناس جميعًا لحمل آخر الرسالات الإلهية، وقد بذل صلى الله عليه وسلم جهده في دعوته ليصل هذا الدين للناس جميعًا، فلم يصلنا هذا الدين إلا بجهده صلى الله عليه وسلم، وجهد الذين من بعده، وهذا الجهد كان نتيجة نذر حياته صلى الله عليه وسلم في دعوة الناس وتبليغهم، وأيضًا هو من ثمار صبره على الناس، ورحمته بهم، وحرصه على أداء مهام النبي الموكلة إليه، وسنتحدث في مقالنا هذا عن تلك المهمات العظيمة التي كلفه الله عز وجل بها في بعثته.


1. الدعوة للتوحيد وترك الشرك بالله

وهي دعوة الناس إلى فطرة إبراهيم عليه السلام، وهي أن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئًا، وذلك كان بخلاف حال القوم قبل بعثة النبي، إذ كثرت فيهم الوثنية، فلم يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بمهمة قط قبل إقرار الوحدانية في نفس الغير، ودعوة الناس للتفكر في مظاهر الكون التي تدل على وحدانية الخالق، وتدعو إلى ترك الشرك،[١] وهذا ما أنكره عليه قومه، ويظهر إنكارهم بما جاء في قوله عز وجل في كتابه: "أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ".[٢]


2. غرس القيم الإسلامية

لقد تعلمنا القيم الإسلامية من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال تعامله مع الصحابة، وكان ذلك بعد غرسه لعقيدة التوحيد في أنفسهم، وقد اعتنى صلى الله عليه وسلم بتعليم الصحابة القيم المتعلقة بجوانب الحياة جميعها، سواء أكانت الجوانب الروحية أم الأخلاقية أم المجتمعية، فخرج لنا جيل من الصحابة غُرست بأنفسهم أجمل القيم والصفات؛ من تضحية وكرم وجهاد وغيرها من القيم التي سُخّرت لخدمة الدين والتي لا يمكننا حصر المواقف التي تدل عليها، كما اقتدى الصحابة بالأخلاق الحسنة الطيبة التي تحلى بها معلم الأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كانت الأخلاق الحسنة جزءًا من الرسالة الإسلامية،[٣] كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ".[٤]


2. إقامة الدولة الإسلامية

من أسمى المهام التي نفذها صلى الله عليه وسلم هي إقامة الدولة الإسلامية على المبادئ الإسلامية، والتي تقوم على أساس العدل بين الناس؛ فالناس جميعًا سواء، ويحرم على بعضهم بعضًا مالهم ودمهم وعرضهم، ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن إقامة الدولة الإسلامية لم تكن أمرًا سهلًا، بل كانت نتاج الدعوة النبوية لمدة استمرت لأكثر من ثلاثة عشر عامًا، وقد اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام خلال تلك المدة في نشر الدعوة بالصبر وتحمل الأذى، حتى أذن الله عز وجل بالهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم، ليخرج النبي من مكة ويبدأ بمرحلة جديدة، حرص في بدايتها على نشر معاني المودة والتكافل الاجتماعي؛ وذلك من خلال المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وتأسيس النظام الاقتصادي الذي يشكل جانبًا مهمًّا من جوانب قوة الدولة، وأيضًا بناء المسجد لجمع الناس من حوله للاعتناء بالجانب الروحي أيضًا،[٥] وتطوير قوة عسكرية قادرة على رد العدوان والظلم، ويظهر ذلك في قوله عز وجل: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ".[٦]


المراجع

  1. أحمد إبراهيم الشريف، كتاب مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 210. بتصرّف.
  2. سورة ص، آية:5
  3. راغب السرجاني، كن صحابيا، صفحة 1، جزء 6. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.
  5. جامعة المدينة ، السياسة الشرعية، صفحة 72 - 75، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة الحج، آية:39