كفل النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة أمّه: جدُّه عبد المطلب بن هاشم، وهو شريفٌ من أشراف قريش، وسيدٌ من ساداتها، وكان من أعظمهم منزلةً ومكانةً، لقّبوه بالفياض؛ لما عُرف عنه من السماحة والكرم، وتولّى بينهم سقاية الحجّاج ورفادتهم،[١] وآتيًا حديثٌ عن كفالة عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ومظاهر محبّته له.


كفالة عبد المطلب للنبي

متى كفل عبد المطّلب النبي؟

ولد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ونشأ يتيمًا؛ إذ كان -عليه الصلاة والسلام- جنينًا في بطن أمّه حين تُوفّي والده عبد الله، وتولّت أمّه آمنة بنت وهب رعايته،[٢] وحين بلغ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- السادسة من عمره، توفَّى الله -تعالى- أُمَّه آمنة بنت وهب بين مكّة والمدينة، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- برفقتها؛ لزيارة أخوالٍ له من بني النجار، وتوفّيت في طريق العودة إلى مكّة؛ فتكفّل عبد المطلب برعاية النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعدها.[٣]


معاملة عبد المطلب للنبي

تذكر كتب التاريخ والسير أنّ عبد المطّلب كان يحبّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويعامله كما يعامل أبناءه، بل وأفضل؛ فكان يأخذه معه حيث يذهب، ويُجلسه في مجلسه، وكان لعبد المطلب فراشٌ موضوعٌ في ظلّ الكعبة، وكان أبناؤه يجلسون حوله، ولم يكن أحدٌ منهم يجلس على فراش عبد المطلب؛ احتارمًا ومهابةً له، إلّا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يجلس على فراش جدّه، وإذا حاول أعمامه إبعاده، كان عبد المطّلب ينهاهم، ويقول لهم: "دعوا ابْني، فو الله إنَّ لَهُ لَشَأْنًا"، ويجلسه بجانبه على فراشه.[٣]


مظاهر محبّة عبد المطلب للنبي

لا تقتصر مظاهر محبَّة عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- على كفالته وحسن معاملته له بعد وفاة أمّه، بل ظهرت محبَّة عبد المطّلب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- منذ ولادته؛ وذلك بفرحه الشديد حين بُشِّر بولادته، وأسماه محمَّدًا، مع أنّ العرب لم تكن العرب تعرف هذا الاسم وتسمّي به؛ ليكون محمود الذكر والثناء بين أهل السماء والأرض، وفي اليوم السابع لولادة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عقّ عبد المطّلب عنه بكبشٍ، ودعا إلى وليمةٍ؛ فرحًا بولادته، وختنه كما كانت العادة عند العرب.[٤]


كفالة أبي طالب للنبي

عاش النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سنتين في كفالة عبد المطّلب؛ حيث توفّي عبد المطّلب حين كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الثامنة من عمره، وكفله بعد جدّه عبد المطّلب عمّه أبو طالب، وكان عبد المطّلب قد أوصى ابنه أبو طالب على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بأن يرعاه ويعتني به من بعده؛ فتربّى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في كنف عمّه أبو طالب الذي أحسن إليه ورفق به أكثر من إحسانه لأولاده: عليّ، وجعفرٍ، وعقيل، واستمرّت مساندة أبي طالب للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- حتّى بعد أن كبر؛ فقد كان أثر من ناصره وحماه بعد بعثته بالنبوّة، ودفع أذى قريش ومكرهم عنه.[٥]

المراجع

  1. ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 66. بتصرّف.
  2. محمد رضا، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 15. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 168. بتصرّف.
  4. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 80-81. بتصرّف.
  5. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 162-164. بتصرّف.