اسم راية الرسول

كانت راية النبي -صلى الله عليه وسلم- تُسمّى العقاب كما ذكر بعض أهل السير والشمائل؛ وقد ورد في وصفها العديد من الآثار والأقوال؛ من ذلك ما صحّ عن يونس بن عبيد أنّه قال: (بعثَني محمَّدُ بنُ القاسمِ إلى البراءِ بنِ عازبٍ يسألُهُ عن رايةِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- ما كانَت؟ فقالَ: كانت سوداءَ مربَّعةً مِن نمرةٍ).[١][٢]


ووصفها بالسواد أنّها كانت من بعد تُرى سوداء، بحيث يغلب عليها اللون الأسود، أمّا وصفها بالنمرة؛ فالمقصود بذلك أنّها كانت من قماش مخططة بالبياض والسواد كلون النمر -الحيوان المعروف-، وقيل يُحتمل أنّ تكون مرةً سوداء، ومرةً مخططة بالأبيض والأسود، وقد كانت من الصوف الذي يلبسه الأعراب.[٢]


وقيل إنّ راية العقاب هي راية الأنصار، وقد كانت خضراء، لا سوداء؛ وقد سمّيت بذلك نسبةً لطير العقاب، الذي كان واقفاً على هذه الراية، فسمّيت باسمه، وذكر بعض أهل التاريخ أنّ هذه الراية صارت إلى خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، فقاتل بها بني حنيفة ومسلمة، وبعدها حملها معه في وقائع الشام وفتوحاتها.[٣]


رايات أخرى للرسول

ذكر بعض أهل العلم أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان له عدّة رايات، وليست راية واحدة، تختلف هذه الرايات باختلاف الأوقات،[٤] وذلك استدلالاً بالآثار المنقولة عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، نذكر منها:[٥]

  • ما جاء عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ رايةَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- كانَت سَوداءَ ولواؤُهُ أبيضُ).[٦]
  • ما جاء عن مزيدة العبدي -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عقد راياتِ الأنصارِ فجعلهنَّ صُفرًا).[٧]
  • ما جاء عن كريز بن سامة -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقَدَ رَايَةً لِبَنِي سُلَيْمٍ حَمْرَاءَ).[٨]
  • ما جاء عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ رَايَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرَايَةَ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَكَانَ إِذَا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ، كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا يَكُونَ تَحْتَ رَايَةِ الْأَنْصَارِ).[٩]


اللواء والراية

بناءً على ما تقدّم من الأحاديث والآثار فقد تعددت أقوال أهل العلم في التفريق بين لواء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين رايته -صلوات الله عليه- التي كانت تُحمل في الغزوات؛ فمنهم من فرّق بينهما بعدد من الأمور التي تتعلق بهما، ومنهم من جعلهما شيئاً واحداً، ويمكن تلخيص ذلك على النحو الآتي:[١٠]

  • يُقصد باللواء: ما يُعقد في طرف الرمح، ويُلوى معه؛ لذلك سمّي لواءً، بينما يُقصد بالراية: ثوب يُجعل في طرف الرمح مع بقائه على هيئته، يلوح مع الريح حين تضربه.
  • اللواء علم الجيش، ويكون دون الراية.
  • اللواء علم الأمير؛ أيّ قائد أحد الفصائل، بينما تكون الراية مع صاحب الحرب.
  • الراية هي العلم الكبير الضخم، وهي على الجيش تُسمّى أم الحرب، وبذلك تكون فوق اللواء.[١١]


ومن الجدير بالذكر أنّ لواء النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أبيض اللون -كما أشرنا بالأحاديث السابقة-، وكان مكتوباً عليه شهادة التوحيد: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، بدلالة ما جاء في حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (كانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضُ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ).[١٢][١٣]

المراجع

  1. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن يونس بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2591، قال الألباني صحيح دون قوله مربعة.
  2. ^ أ ب عبد الحق الدهلوي، لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح، صفحة 618، جزء 6. بتصرّف.
  3. أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 344، جزء 2. بتصرّف.
  4. "راية الرسول صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 15/5/2012، اطّلع عليه بتاريخ 25/6/2023. بتصرّف.
  5. الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، صفحة 108-109، جزء 9. بتصرّف.
  6. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2291، حسنه الألباني.
  7. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن مزيدة بن جابر العبدي، الصفحة أو الرقم:324، قال الهيثمي فيه محمد بن الليث ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
  8. رواه الطبراني، في المعجم الكبير، عن كريز بن سامة، الصفحة أو الرقم:425، قال الهيثمي فيه من لم أعرفهم.
  9. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3486، قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير عثمان بن زفر الشامي وهو ثقة.
  10. بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 232، جزء 14. بتصرّف.
  11. عبد الحق الدهلوي، لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح، صفحة 617، جزء 6. بتصرّف.
  12. رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:219، قال الطبراني تفرد به حيان بن عبيد.
  13. محمد أبو الهدى اليعقوبي، شمائل الحبيب المصطفى، صفحة 91. بتصرّف.