ما هي غزوة العسرة؟

غزوة العسرة غزوة تبوك

غزوة العسرة هي غزوة تبوك التي وقعت في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة، ويرجع السبب في وقوعها إلى رغبة الروم في قتال المسلمين وحشد عددٍ كبيرٍ لذلك، بالإضافة إلى تحريض القبائل العربية على قتالهم، وأرسلوا أيضاً إلى هرقل أن المسلمين في فترةٍ حرجةٍ يُمكن خلالها القضاء عليهم ودحر رسالتهم، وبالفعل فقد جهّز جيشاً عظيماً لذلك بلغ عدد جنوده أكثر من أربعين ألفاً.[١]


لماذا سميت غزوة العسرة بهذا الاسم؟

سُميّت غزوة تبوك بغزوة العُسرة بسبب ما عاناه المسلمون وقت وقوعها؛ إذ كان وقت الحصاد وجني الثمار فكان طعام الجيش قليلاً حتى أنّ الثمرة الواحدة يشترك فيها اثنان، كما أنّه لم تُوجد الراحلة الكافية للجنود فكان يتناوب الاثنان والثلاثة على الراحلة الواحدة، وكانت المسافة طويلةً من المدينة المنورة إلى أرض المعركة، بالإضافة إلى أنّ الماء كان قليلاً والحرّ شديدٌ،[٢] وكانت البلاد في جدبٍ وقحطٍ ولذلك حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على تجهيز الجيش، وقد استجاب الصحابة -رضي الله عنهم- للنبيّ، فقدّم أبو بكرٍ الصدّيق كلّ ما يملك من مالٍ، وقدّم كلٌّ من عمر بن الخطّاب وعبدالرحمن بن عوف والعبّاس نصف أموالهم، وقدّم عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- ثلاثمئة دابةٍ وألف دينارٍ، وقدّم الفقراء أيضاً ما يستطيعون بذله، وقدّمن النساء حُلّيهنّ ومجوهراتهنّ للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وما كلّ ذلك إلّا استجابةً لأمر الله -تعالى- القائل: (انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم في سَبيلِ اللَّـهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ).[٣][٤]


غزوة العُسرة في القرآن والسنة

ذكر الله -تعالى- غزوة تبوك باسم العُسرة في القرآن الكريم، إذ قال: (لَقَد تابَ اللَّـهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ ما كادَ يَزيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهُم ثُمَّ تابَ عَلَيهِم إِنَّهُ بِهِم رَءوفٌ رَحيمٌ)،[٥] وذكر الإمام القرطبيّ أنّ المقصود بساعة العُسرة كلّ أوقات وساعات المعركة دون تحديد ساعةٍ ما، وفي بيان شدّة العُسرة قال عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- واصفاً إيّاها: (خرجنا في قيظٍ شديدٍ، فنزلنا منزلاً أصابنا فيه عطشٌ شديدٌ حتى ظننا أنّ رقابنا ستنقطع من العطش، وحتى إن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه، فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده)، وذُكرت أيضاً غزوة العُسرة في السنة الصحيحة، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ الخدريّ -رضي الله عنهما-: (لَمَّا كانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أصابَ النَّاسَ مَجاعَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، لو أذِنْتَ لنا فَنَحَرْنا نَواضِحَنا، فأكَلْنا وادَّهَنَّا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: افْعَلُوا، قالَ: فَجاءَ عُمَرُ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، ولَكِنِ ادْعُهُمْ بفَضْلِ أزْوادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لهمْ عليها بالبَرَكَةِ، لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَ في ذلكَ).[٦][٧]

المراجع

  1. موسى شاهين لاشين، المنهل الحديث في شرح الحديث، صفحة 285. بتصرّف.
  2. أ.د. راغب السرجاني (2010/4/17)، "غزوة تبوك"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 29/7/2021. بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية:41
  4. "من جَهَّز جيش العُسْرة فله الجنة"، إسلام ويب، 23/4/2017، اطّلع عليه بتاريخ 29/7/2021. بتصرّف.
  5. سورة التوبة، آية:117
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:27، صحيح.
  7. إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية، صفحة 463. بتصرّف.