غزوة مؤتة

حدثت غزوة مؤتة في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة النبوية، وهي غزوة عظيمة بأحداثها ونتائجها وآثارها، وقد كان سببها هو مقتل سفير النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابي الحارث بن عمير الأزدي، وهو في طريقه إلى بصرى الشام، يحمل رسالةً إلى ملكها، فاعترضه في الطريق أمير البلقاء شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله، فاشتدَّ غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سمع بالخبر وقرر تأديب الغساسنة، لأنَّ قتل السفراء جريمة كبرى لا تغتفر وإعلانٌ للحرب على المسلمين، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- المقاتلين وجهّز الجيش لإرساله إلى الشام، وكان أكبرَ جيش تمَّ تجميعه من يوم الخندق، فكان تعداده ثلاثة آلاف مقاتل، وعلى الرغم من عدم مشاركة النبي -صلى الله عليه وسلم- في معركة مؤتة؛ إلا أنَّها سميت بالغزوة بسبب أهميتها الكبيرة وعدد المقاتلين الكبير فيها، وقوة المعركة وشراستها، ومؤتة أرضٌ جنوب الكرك حدثت فيها المعركة، وقد سُمي جيش المسلمين بجيش الأمراء، وكان قائده زيد بن حارثة.[١]


كم عدد الكفار في غزوة مؤتة؟

كان عدد الكفار في غزوة مؤتة هو مائتا ألف مقاتل، وكان هذا العدد الضخم يتألف من مائة ألف مقاتل من الروم، ومائة ألف مقاتل من نصارى العرب، وقد كانوا يعسكرون في منطقة مُآب، وعسّكر جيش المسلمين في منطقة معان، ثمَّ التقى الجيشان في مؤتة، وقد تفاجئ المسلمون بعدد الكفار الضخم ولم يتوقعوا ذلك، ولكنَّهم صمدوا وخاضوا المعركة بكل شجاعة واستبسلوا في القتال، واستشهد قائد المسلمين زيد بن حارثة، فاستلم القيادة جعفر بن أبي طالب، وحمل اللواء بيده اليمنى فقُطعت، فحمله باليسرى فقُطعت، فاحتضنه بعضديه، حتى استشهد، فتوّلى القيادة عبد الله بن رواحة وقاتل حتى استشهد أيضاً، وهكذا استشهد الأمراء الثلاثة الذين وضعهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الحديث: (بعثَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ- جيشَ الأمراءِ وقالَ: عليكُم زيدُ بنُ حارثةَ، فإن أصيبَ زيدٌ، فجعفرٌ، فإن أُصيبَ جعفرٌ، فعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ الأنصاريُّ).[٢][٣]


كم عدد قتلى الكفار في غزوة مؤتة؟

لم تذكر كتب السيرة عدداً محدداً لقتلى الكفار في غزوة مؤتة، لكنَّ أحداث المعركة وشدّتها دلّت على أنَّه عدد كبير، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن خالد بن الوليد أنَّه قال: (لَقَدِ انْقَطَعَتْ في يَدِي يَومَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أسْيَافٍ، فَما بَقِيَ في يَدِي إلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ)،[٤] وقد انتهت المعركة دون خسائر كبيرة للمسلمين، فقد استشهد منهم يومها اثنا عشر رجلاً فقط، وإن دلَّ هذا على شيء فإنَّما يدل على الحنكة العسكرية الكبيرة، التي كانت لدى قيادة الجيش الإسلامي ممثلة بسيف الله خالد بن الوليد، الذي قاد الجيش بعد استشهاد الأمراء الثلاثة، واستطاع أن يصمد بثلاثة آلاف مقاتل أمام مائتي ألف، دون خسارة أو هزيمة، وعاد بهم إلى المدينة سالمين، بعد أن لقّنوا الروم والغساسنة درساً لن ينسوه.[٥]


المراجع

  1. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 583. بتصرّف.
  2. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم:289، حديث صحيح.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 426. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن قيس بن أبي حازم، الصفحة أو الرقم:4265، حديث صحيح.
  5. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 360. بتصرّف.