غزوة أحد

كانت غزوة أُحد من الغزوات المؤثرة في تاريخ المسلمين، فقد حدثت فيها خسارةٌ مؤلمةٌ، وتراجعٌ بعد انتصار، وذلك بسبب مخالفة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانت هذه الغزوة درساً قاسياً للمسلمين، تألموا وتعلّموا منه الكثير، وقد حدثت غزوة أُحد بعد عام وشهر واحد من غزوة بدر الكبرى التي هُزم فيها المشركون هزيمةً مدويةً، وكان لهذه الهزيمة أثر كبير في نفوسهم، فقد زادتهم حقداً وغيظاً على المسلمين، وصاروا يخططون للثأر في أول فرصة تسنح لهم، وقد حدثت غزوة أُحد في شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى المكان الذي حدثت فيه، وهو جبل أُحد بالقرب من المدينة، وقد تحدث القرآن عن غزوة أُحد، كما في قوله -تعالى-: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.[١][٢]


كم عدد رماة غزوة أحد؟

كان عدد جيش المسلمين في غزوة أحد هو سبعمائة مقاتل، وكان عدد الرماة منهم خمسين مقاتلاً، وقد أمَّرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عليهم عبد الله بن جبير، وأمَرَهُم بأن يتمركزوا على جبل صغير في أرض المعركة، ويثبتوا عليه ولا يغادروه أبداً مهما حصل، وذلك ليحموا ظهور المسلمين من أي غدر، وقال لهم: (انضَحوا الخيلَ عنَّا بالنَبلِ، لا يَأتونا مِن خلفِنا! إن كانَت الدَّائرةُ لَنا أو علَينا فالزَموا أماكنَكم، لا نُؤتينَّ مِن قِبلِكم وفي روايةٍ قال لهم: احموا ظُهورَنا، إن رأيتُمونا نُقتَلُ فلا تنصُرُونا، وإن رأيتُمونا نَغنمُ فلا تَشرَكونا)،[٣] ولكن الرماة لم يلتزموا بأوامر النبي -صلى الله عليه وسلم- ونزلوا عن الجبل عندما رأوا انتصار المسلمين واغتنامهم للغنائم، برغم تذكير أميرهم عبد الله بن جبير لهم بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعليماته بالبقاء على الجبل وعدم النزول، وقد ثبت عبد الله على الجبل وثبت معه تسعة رماة فقط ونزل الباقون.[٤][٥]


خطأ الرماة الفادح وأثره في المعركة

كان نزول الرماة عن الجبل خطأً فادحاً وغلطةً فظيعةً دفع المسلمون ثمنها غالياً، فكانت سبباً في انقلاب موازين المعركة، وتحويل النصر إلى هزيمة، حيث أدّى نزولهم إلى انكشاف ظهر المسلمين، فاستغل المشركون هذه الفرصة مباشرة، فقام فرسانهم بقيادة خالد بن الوليد بالدوران حول الجبل والالتفاف على المسلمين، والانقضاض عليهم من الخلف، وما لبث عبد الله بن جبير ومن ثبت معه على الجبل إلا واستُشهدوا بعد بذلهم كل الجهد في محاولة صدِّ هجوم المشركين المباغت، لكن عددهم القليل كان حائلاً دون ذلك، وبالتفاف المشركين صار المسلمون بين فكي كماشة، فخارت عزائمهم وتفرّقوا وهرب بعضهم، وقويت شوكة الكفار وارتفع لوائهم، وركزوا هجومهم على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما سمعوا صوته يطلب من المسلمين الثبات والتجمع حوله، وقد دافع الصحابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دفاع الأبطال وقد ناله ما ناله من الجراح وضربات السيوف.[٥]


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:139-140
  2. أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 320. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في فقه السيرة، عن محمد بن إسحاق، الصفحة أو الرقم:251 ، حديث صحيح.
  4. ابن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 65. بتصرّف.
  5. ^ أ ب المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 239. بتصرّف.