غزوة خيبر

خيبر هي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع تبتعد عن المدينة المنورة حوالي ثمانين ميلًا من الشمال،[١] وقد وقعت غزوة خيبر في محرم في السنة السابعة من الهجرة، وقد كانت بين المسلمين وبين يهود خيبر، حيث كان يبلغ عدد المسلمين ألف وأربع مائة مقاتل من رجال وفرسان،[٢] وبعد أن رجع المسلمون من صلح الحديبية وأزيح عن المسلمين الحمل الثقيل من قريش التي كانت أقوى وألد وأعند من خيبر، تفرّغوا لأهل خيبر وانطلقوا إليها بعد وقت قليل من عودتهم للمدينة، قال المفسرون: "إن خيبر كان وعدها في القرآن"، قال تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ}،[٣] فهذه الآية كانت وعدًا من الله لصلح الحديبية أولًا ثمَّ لغنائم خيبر.[١]


سبب غزوة خيبر

لقد كان يهود خيبر يضعون يدهم بيد المنافقين الذين مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد كانوا سببًا في إثارة بني قريظة على الخيانة،[٤] عدا عن التواصل الذي تمَّ بينهم وبين قبيلة غطفان التي كانت تمدهم بالمؤن والإمدادات اللازمة عن طريق واد لشنِّ الحرب على المسلمين،[٥] حتى أنَّهم كانوا يخططون لاغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم- فما كان من المسلمين إلا أن خرجوا لقتالهم وإعادة الاستقرار والسلام للدين الإسلامي.[٦]


أحداث غزوة خيبر

خروج المجاهدين مع رسول الله

فيما جاء من قبل فقد كانت غزوة خيبر بعد صلح الحديبية، ولقد تخلّف عدد من المنافقين وضعفاء الإيمان عن الحديبية كما جاء في قولة تعالى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ۖ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ۖ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}،[٧] فهذا كان موقف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحرب التالية، فقد أعلن ألا يخرج من الناس إلا من كان راغبًا للجهاد فخرج من خرج من الصحابة.[٨]


بداية الحرب

وصل النبي ومن معه إلى أسوار خيبر في الليل، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحارب في الليل بل ينتظر طلوع الفجر، فلما طلع فجر تلك الليلة صلّى -صلى الله عليه وسلم- الفجر وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر لأرضهم للزراعة إذ إنهم لا يعلمون قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، فلّما علموا قدوم جيش محمد هربوا إلى مدينتهم، فعن أنس رضي الله عنه: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ إلى خَيْبَرَ، فَجَاءَهَا لَيْلًا، وكانَ إذَا جَاءَ قَوْمًا بلَيْلٍ لا يُغِيرُ عليهم حتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بمَسَاحِيهِمْ ومَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قالوا: مُحَمَّدٌ واللَّهِ، مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ إنَّا إذَا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ).[٩]


هذه كانت بداية الحرب، فقد أخذ المسلمون يفتحون الحصون حصنًا تلو الأخر، وقد كان من الحصون من يفتح بسرعة، ومنها ما تكون المقاومة من الأعداء شديدةً عليه فقد أخذ فتح حصن ناعم عشرة أيام، وقد استشهد أثناء فتحه الصحابي محمود بن مسلمة الأنصاري -رضي الله عنه-، وقد كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يحمل الراية إلا أنَّ الله لم يفتحها عليه، وقد أُحيلت الراية لعلي بن أبي طالب،[١٠] وقد كان هذا أول الحصون التي فتحها المسلمون حيث كان خط دفاعهم الأول،[١١] فبقيت فتوحات الحصون فمنهم ما كان حصاره لا يتعدى الثلاث أيام مثل حصن صعب بن معاذ حتى دعى الرسول ربه وفتح الحصن وتجمع اليهود في حصن قموص المنيع وحصن الوطيح وحصن السلالم، فبقي المسلمون يحاصرونهم لمدة أربعة عشر يومًا حتى طلب اليهود الصلح.[١٢]


نهاية الحرب

لقد كانت هذه الحرب شاهدة على معجزات أجراها الله على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فسقطت خيبر وأخذ باقي خيبر يطلبون من الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلح وأن يحقن دمائهم وطلبوا منه أن يبقيهم في أرضهم يزرعون فيها النخل فقبل -صلى الله عليه وسلم- على أن يكون لهم الشطر من كل شيء، وقد نَعِم منهم المسلمون بأموال كثيرة كما كان وعد الله لهم، وقد سبي من نسائهم الكثير، وقد كانت منهن صفية بنت حيي الأخطب -رضي الله عنها-.[١]


نتائج الحرب

  • استشهد من المسلمين عشرون رجلًا في رواية أُخرى قيل أنَّ عددهم كان تسعة عشر شهيدًا، أمّا بالنسبة لليهود فقد قُتل منهم نحو ثلاث وتسعين قتيلًا.[١٣]
  • غنائم خيبر كانت كثيرة ووفيرة، وقد حصلوا على أموال، ونخيل وفير.[١]
  • عرض النبي على صفية بنت حيي الإسلام فأسلمت فأعتقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتزوجها.[١٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث الشيخ الرحمن المباركفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المنصورة:دار الوفاء للنشر ، صفحة 343. بتصرّف.
  2. الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (2016)، فقة السنة النبوية (الطبعة 40)، دمشق:دار الفكر ، صفحة 261. بتصرّف.
  3. سورة سورة الفتح، آية:20
  4. صفي الرحمن المبار كفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 333. بتصرّف.
  5. الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (2016)، فقة السنة النبوية (الطبعة 40)، دمشق :دار الفكر ، صفحة 261. بتصرّف.
  6. صفي الدين المبار كفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 333. بتصرّف.
  7. سورة سورة الفتح، آية:15
  8. صفي الرحمن المباركفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 316. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن انس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:2945، حديث صحيح.
  10. إسلام ويب (11/10/2015)، "من أحداث غزوة خيبر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/5/2021. بتصرّف.
  11. صفي الرحمن المبار كفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 333. بتصرّف.
  12. محمد علي الصلابي ، غزوات الرسول، صفحة 232. بتصرّف.
  13. صفي الرحمن المبار كفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 343. بتصرّف.
  14. صفي الرحمن المبار كفوري (2005)، الرحيق المختوم (الطبعة 17)، المناصرة:دار الوفاء للنشر، صفحة 343. بتصرّف.