غزوة حنين
وقعت غزوة حنين في شهر شوّال من السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكّة بعدّة أيامٍ، ويرجع سبب وقوعها إلى اعتقاد كلٍّ من قبيلتي هوازن وثقيف أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- سيُقاتلهم بعد أن انتهى من فتح مكة، فأرادوا أن يبادروا بالقتال قبل أن يبدأ هو به، وكان أميرهم مالك بن عوف وقد أمر المقاتلين بالخروج للقتال مع أطفالهم وأموالهم ونسائهم لاعتقاده بثباتهم في ساحة المعركة والقتال بشراسةٍ دفاعاً عمّن معهم، وحينما عَلِم النبي -عليه الصلاة والسلام- بخروجهم لقتاله عدّ العُدّة لملاقاتهم.[١]
لماذا هزم المسلمون في غزوة حنين؟
خرج المسلمون للقتال في غزوة حُنين باثني عشر ألف مقاتلٍ مُعجبين بأنفسهم واثقين بالنصر نظراً لعددهم وعُدّتهم، ومتوكّلين على قوّتهم، وقد جَهِلوا حينها أنّ النصر من عند الله، فالإعجاب بالنفس من الأمور المذمومة التي تهوي بصاحبها، وقال بعض الجُند في طريق الغزوة: (لن نُغلب اليوم من قلّةٍ)، فَحِزن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حزناً شديداً، وقد ذكر الله -تعالى- ذلك الموقف في كتابه فقال: (لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّـهُ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئًا وَضاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرينَ)،[٢] وتجدر الإشارة إلى أنّ الإعجاب بالنفس يؤدي إلى عدّة مخاطر؛ منها: عدم الاكتراث بقوّة العدو وعُدّه وعتاده، وعدم الاهتمام بالعمليات العسكرية وسيرها كما يجب، وبسبب ذلك لم يقاتل المسلمون كقتالهم المعتاد في الغزوات الأخرى، ولذلك هُزم المسلمون في غزوة حُنين، فقد أراد الله -سبحانه- لفت أنظارهم والتأكيد عليهم أنّ النصر من عنده.[٣]
أهمّ أحداث غزوة حنين
وقعت العديد من الأحداث المهمة في غزوة حُنين يُذكر منها:[٤]
- سار النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مع جُند المسلمين إلى حُنين في السادس من شهر شوّال من السنة الثامنة للهجرة وهو اليوم التاسع عشر من فتح مكة، وكان مالك بن عوف قائد المشركين قد سبقهم إلى موضع حُنين، وقسّم جيشه وأحكم خطّته، وأمر الجُند برشق المسلمين بالسهام فور وصولهم.
- وصل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والمسلمون إلى حُنين صباحاً ولم يكونوا يعلموا باستعداد المشركين لاستقبالهم بالسهام، ففرّوا هاربين من أرض المعركة، وقد ثبت حينها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وكان يصرخ قائلاً: (هلّموا إليّ أيّها الناس، أنا رسول الله، أنا محمدٌ بن عبدالله)، وثبت معه بعض الصحابة -رضي الله عنهم-، وأخذ يقاتل وهو يقول: (أنا النبيّ لا كذب أنا ابن عبد المطلب)، ثمّ أمر -عليه السلام- عمّه العباس -رضي الله عنه- بأن يُنادي المسلمين ليثبتوا معهم، فعادوا أدراجهم إلى ساحة المعركة.
- عاود المسلمون القتال بشراسةٍ وأيّدهم الله -تعالى- بجنودٍ من عنده، وقد وصف ذلك قائلاً: (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَنزَلَ جُنودًا لَم تَرَوها وَعَذَّبَ الَّذينَ كَفَروا وَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ).[٥]
المراجع
- ↑ مصطفى السباعي، كتاب السيرة النبوية دروس وعبر، صفحة 102. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:25
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 8-9. بتصرّف.
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 355-356. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:26