غزوة أحد
كانت غزوة أحد بمثابة درس مهم للمسلمين في ضرورة الالتزام بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدم مخالفته مهما حدث، فقد حدثت في هذه الغزوة انتكاسة كبيرة للمسلمين وخسارة فادحة في نهايتها لهذا السبب، بعد نصرٍ عظيمٍ في البداية، وقد حدثت غزوة أحد في شهر شوال من العام الثالث للهجرة النبوية، بعد أن قامت قريش بالاستعداد للحرب وجمع الأموال والمقاتلين وتجهيز الجيش والسلاح، بهدف ردِّ الهزيمة التي لحقت بهم والأخذ بثأر قتلاهم في غزوة بدر الكبرى، قبل عام وشهر واحد فقط من هذا التاريخ، وقد وصف الله -تعالى- حال المشركين في ذلك الوقت بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}،[١] وقد سميت بغزوة أحد نسبة إلى جبل أحد الذي دارت المعركة بالقرب منه، بعدما خرج جيش المسلمين لملاقاة الكفار وصدِّ عدوانهم خارج المدينة.[٢]
كم عدد الكفار في غزوة أحد؟
أعدَّ كفار قريش عدتهم لحرب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان قوام جيشهم ثلاثة آلاف مقاتل، بقيادة أبي سفيان بن حرب، وقد تم جمع هذا العدد الكبير من خلال تأليب سادة قريش لأهل مكة ومن حولها من القبائل على حرب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد اصطحب جيش الكفار معه عدداً من النسوة، وكان عددهن خمس عشرة امرأة من نساء قريش، وذلك لتحريض الرجال وتشجيعهم على القتال، ورفع معنوياتهم وبثِّ الحماس فيهم ومنعهم من الفرار، وكان على رأس النسوة اللاتي خرجن مع الجيش هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، وقد كان مع جيش الكفار ثلاثة آلاف بعير ومائتا فرس وسبعمائة درع، وكان قائد الفرسان هو خالد بن الوليد بمساعدة عكرمة بن أبي جهل، أما لواء جيش الكفار فكان بيد بني عبد الدار.[٣]
ماذا فعل الكفار بعد الغزوة؟
عندما انتهت المعركة بين الكفار والمسلمين في أُحد، كان قد قُتل من الكفار عشرون قتيلاً على أقل تقدير، وكان قد استُشهد من المسلمين سبعون شهيداً، وكان غالبية شهداء المسلمين من الأنصار، وقد استشهد في ذلك اليوم من المسلمين حمزة بن عبد المطلب، عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد حزن عليه حزناً شديداً، وقد قام الكفار بالتمثيل بجثث شهداء المسلمين وتشويهها، وكان لنساء الكفار الدور الأكبر في هذا الفعل الشنيع، فقد قامت هند بنت عتبة بشق بطن حمزة وإخراج كبده، وقامت بمضغ الكبد لكنَّها لم تستسغها فلفظتها، وقد قامت نسوة الكفار بتقطيع آذان الشهداء وجدع أنوفهم، وصُنع القلائد والخلاخيل منها، فكانت هذه المبالغة في التمثيل شاهداً على حجم الحقد والغيظ الذي كان في قلوب الكفار على المسلمين، مع أنَّ المسلمين لم يُمثلوا بجثث قتلى غزوة بدر، بل أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدفنهم وعدم تركهم للسباع والطيور تنهش لحومهم، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التمثيل بجثث القتلى وحرَّم ذلك، فشتان ما بين الثريا والثرى.[٤]
المراجع
- ↑ سورة الأنفال، آية:36
- ↑ ابراهيم العدوي (25/3/2008)، "غزوة أحد .. درس في أهمية الشورى والنظام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2021. بتصرّف.
- ↑ المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 225. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 207. بتصرّف.