زمن الغزوة وسبب وقوعها
حدثت غزوة حمراء الأسد بعد غزوة أحد مباشرة؛ أيّ في اليوم التالي منها، الذي وافق اليوم الثامن من شهر شوال، في السنة الثالثة للهجرة، وذلك بعدما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمون المشاركون في غزوة أحد بالخروج مرة أخرى لملاقاة المشركين، إذ كان أبو سفيان يستعدّ للهجوم على المسلمين بعد غزوة أحد، وقد أطاع المسلمون الأمر، وخرجوا كلّهم وهم مثقلون بالجراح، والآلام والخوف، وبلغ عددهم ستمائة وثلاثين مقاتلاً، باستثناء الشهداء الذين لقوا نحبهم في هذه الغزوة.[١]
وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لجابر بن عبد الله -رضي الله عنه- بالخروج إلى حمراء الأسد مع أنّه لم يُشارك بغزوة أحد؛ لأنّ والده كان قد استخلفه على أخوات له في المدينة المنورة، ولقد أثنى الله -تعالى- على المؤمنين الذين استجابوا لأمر الله -تعالى-؛ قال -تعالى-: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).[٢][١]
أحداث الغزوة
خروج المسلمين لملاقاة المشركين
أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- معبد بن أبي معبد -وأم معبد- الخزاعيّ -رضي الله عنهما- بعدما جاء مسلماً إلى أبي سفيان، ولم يكن يعلم -أبو سفيان- بإسلامه،[١] فخّوفه معبد بخروج النبي -صلوات الله عليه- وأصحابه في جمع لم يُرَ مثله، وأخبره بأنّ المسلمين حانقون -مغتاظون- حنقاً شديداً لما أصابهم في غزوة أحد؛ فغضب أبو سفيان، وأقسم أن لا يرتحل إلى مكة المكرمة حتى يأتي القوم، ويستأصل بقيّتهم.[٣]
سعي المشركين في إرهاب المسلمين
بعث أبو سفيان إلى المسلمين من يحاول أن يُثبط عزيمتهم، وتخذيلهم عن ملاحقتهم وقتالهم؛ وقد وقع اختياره على ركبٍ من عبد قيس كانوا يريدون الذهاب للمدينة المنورة، فطلب منهم أبو سفيان أن يحملوا رسالةً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وجيشه، وقد أغراهم ببعض البضائع والسلع؛ فاستجابوا لأمره وجاءوا إلى النبي الكريم بخبر تجمّع جيش المشركين بقيادة أبي سفيان؛ ليعيدوا الكرّة ويقتلوا ما بقي من المسلمين.[٣]
إلا أنّ ذلك لم يُثنِ المسلمين عن تقدّمهم، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، فأنزل الله -تعالى- قوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).[٤][٥]
رجوع المشركين
لمّا رأى المشركون إصرار المسلمين على الملاقاة والقتال، وقف صفوان بن أمية بن خلف أمام جموع المشركين، وطلب منهم أن لا يعودوا إلى الغزو؛ فإنّ القوم -يقصد المسلمين- قد عادوا بقتال غير الذي كان في غزوة أحد، فرجع المشركون عن قرارهم، وعادوا إلى مكة المكرمة، ولم يحدث في هذه الغزوة قتال.[٣]
مقتل أبي عزة
قبل رجوع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، لقيَ في الطريق أبو عزة الجمحيّ؛ الذي منّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بإطلاق سراحه بعدما أُسر في غزوة بدر، وقد اشترط عليه النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- أن يكفّ عن قتال المسلمين، ولكنّه لم يلتزم بذلك؛ فأمر النبي الزبير بضرب عنقه؛ فقتله، وقيل أمر عاصم بن ثابت -رضي الله عنهم جميعاً-، وقد ضعّف بعض أهل العلم هذه الرواية، وقالوا بأنّها غير مُسندة بسند صحيح.[٦]
المراجع
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، صفحة 308، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:172
- ^ أ ب ت عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، صفحة 102-104، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:173-174
- ↑ موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 52-53، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد الله العوشن، ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية، صفحة 157. بتصرّف.