التعريف بغزوة الأبواء (وَدّان)

تعد غزوة الأبواء أولى غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي أول غزوة غزاها -عليه الصلاة والسلام- بعد هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكان ذلك في شهر صفر من العام الثاني للهجرة، إلا أنه لم يحدث فيها قتال، وقد سميت بالأبواء؛ نسبةً لمكوث النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأبواء وانتظار المشركين فيها، وهي قرية تقع في الطريق بين المدينة ومكة، وتسمى أيضاً بغزوة وَدّان؛ نسبة إلى قرية وَدّان، لقربها من الأبواء؛ فهما مكانان متقاربان بينهما ستة أميال، فبعض أهل السِيَر أضافها إلى الأبواء، وبعضهم أضافها إلى وَدّان.[١][٢]


سبب الغزوة وهدفها

كان سبب الغزوة وهدفها هو اعتراض قافلة تجارية لقريش قادمة من الشام، فيها أبو جهل ومعه ثلاثمئة راكب، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أراد تهديد قريش بطريقها التجاري والعمل على اتفاقيات ومعاهدات مع القبائل الواقعة على الطريق التجاري والمسيطرة عليه، كما أراد -عليه الصلاة والسلام- كشف ومعرفة الأعداء المحيطة بالدولة الإسلامية الجديدة، ومعرفة طبيعة الطرق المحيطة بالمدينة، ولإشعار المشركين واليهود وكل من يفكّر في غزو المدينة وقتالها أن المسلمين دولة قوية تستطيع الصدّ والقتال.[٣][٤]


مجريات الغزوة

خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة المنورة قائداً على سبعين مهاجراً من المسلمين من غير الأنصار، مستخلفاً في المدينة سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، وكان حاملاً اللواء حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، فسار -عليه الصلاة والسلام- ومن معه من المهاجرين، حتى وصل الأبواء وقيل وَدّان، كما تمّ بيانه، إلا أنه لم يلق العير التي خرج لاعتراضها، حيث كانت قد فاتته قبل وصوله، فلم يحصل حرباً وقتالاً، وخلال فترة هذه الغزوة وقبل الرجوع إلى المدينة عقد -عليه الصلاة والسلام- معاهدة ومصالحة مع سيد بني ضمرة، وهو مخشي بن عمرو الضمري؛ وكتب كتاباً معهم ألا يغزوا بعضهم بعضاً، ولا يعينون قريشاً والأعداء على المسلمين، وبينهم الأمان والنصرة.[٥][٦]


وكان نصّ المعاهدة: "هذا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبني ضمرة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لهم النصر على من رامهم بسوء بشرط أن لا يحاربوا في دين الله ما بلّ بحر صوفة وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دعاهم لنصر أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله ورسوله"،[٧] وكانت هذه الاتفاقية أول اتفاقية عقدها النبي -عليه الصلاة والسلام- مع غير يهود المدينة، وحققت نصراً كبيراً للمسلمين، ثم عاد -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة بعد غياب مدة خمس عشرة ليلة.[٨]


نتيجة الغزوة

كانت نتيجة الغزوة عدم حدوث قتال بين المسلمين والمشركين، ووقوع موادعة مع بني ضمرة؛ للأمان والنصرة فيما بينهم،[٩] ويستفاد من هذه الغزوة شجاعته -عليه الصلاة والسلام- في تخطيطه المستمر وخوضه في الحرب في سبيل الله وإعلاء كلمة الدين، وبيان قوة الدولة الإسلامية للأعداء وقدرتها على المواجهة.


المراجع

  1. إبراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية للعلي، صفحة 152. بتصرّف.
  2. حسن بن محمد المشاط، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 96-97. بتصرّف.
  3. محمد شيت الخطاب، الرسول القائد، صفحة 88. بتصرّف.
  4. محمد الصوياني، السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة، صفحة 21. بتصرّف.
  5. موسى بن راشد العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 294-295. بتصرّف.
  6. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 179. بتصرّف.
  7. محم رضا، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 202. بتصرّف.
  8. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 117. بتصرّف.
  9. محمد شيت خطاب، الرسول القائد، صفحة 89. بتصرّف.