غزوة بدر

من أشهر الغزوات التي خاضها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام في التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية، فهي الغزوة التي أعز الله بها الإسلام والمسلمين، وأذل بها الشرك والمشركين، وفرَّق فيها بين الحق والباطل، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}،[١] وقال أيضاً: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}،[٢] وقد نصر الله - تعالى- عباده المؤمنين رغم قلّة عددهم وعتادهم مقارنةً بعدوهم، وأنزل ملائكته تقاتل معهم، وقد كان هذا النصر أول نصرٍ لهم على أعدائهم بعد الهجرة، وقد حدثت هذه الغزوة في العام الثاني من هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد قُتل فيها سبعون رجلاً من طغاة المشركين، على رأسهم أبو جهل، فرعون هذه الأمة، وتمَّ أسر سبعين آخرين، فكانت غزوة بدر بداية ميلاد دولة الإسلام وقوة شوكتها، ولذلك كان الثناء النبوي عظيماً على أهلها، جاء في الحديث: (لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إلى أهْلِ بَدْرٍ؟ فقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ).[٣][٤]


كم عدد فرسان غزوة بدر؟

كان عدد جيش المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فقط، وكان عدد المهاجرين فيهم ثمانون ونيِّفاً، وعدد الأنصار مائتان وأربعون ونيِّفاً، جاء في الحديث (كُنَّا نَتَحَدَّثُ: أنَّ أصْحَابَ بَدْرٍ ثَلَاثُ مِئَةٍ وبِضْعَةَ عَشَرَ، بعِدَّةِ أصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَاوَزُوا معهُ النَّهَرَ، وما جَاوَزَ معهُ إلَّا مُؤْمِنٌ)،[٥] وكان أغلب جيش المسلمين من المشاة، وكان معهم سبعون جَمَلاً، كانوا يتعاقبون على الركوب عليها في طريقهم إلى بدر، فكان يركب على الجمل الواحد ثلاثة أشخاص، جاء في الحديث: (كُنَّا يومَ بدرٍ كلُّ ثلاثةٍ على بعيرٍ كانَ أبو لبابةَ وعليُّ بنُ أبي طالبٍ زميلَي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وسلَّمَ)،[٦] وكان عدد الفرسان فارس واحد فقط، هو المقداد بن عمرو، وذكر المباركفوري أنَّهما فارسان، وأنَّ الفارس الثاني هو الزبير بن العوام،[٧] وقد ثبت في الحديث: (ما كان فينا فارسٌ يومَ بدرٍ غيرُ المقدادِ).[٨][٩]


توزيع قيادات غزوة بدر في جيش المسلمين

قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتوزيع القيادات في جيشه على النحو التالي:[٧]

  • القيادة العامة: وكانت لمصعب بن عمير، وكانت معه الراية الكبرى وكان لونها أبيض.
  • كتيبة المهاجرين: بقيادة علي بن أبي طالب.
  • كتيبة الأنصار: بقيادة سعد بن معاذ.
  • ميمنة الجيش: بقيادة الزبير بن العوام.
  • ميسرة الجيش: بقيادة المقداد بن عمرو.


تسوية صفوف غزوة بدر وقصة سواد

أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتسوية صفوف الجيش بنفسه قبل بدء المعركة، وقد كان يحمل في يده الشريفة عوداً من خشب، يشيرُ به ويستخدمهُ في عملية التسوية، وقد حدث موقف رائع في هذه الأثناء، وهو أنَّ صحابياً يدعى سوَاد بن غَزِيَّة كان متقدماً عن الصف، فطعنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعود طعنةً خفيفةً في بطنه، ليسويهُ بالصف، فتوجع سواد وطلب منه القَصاص، فكشف النبي -صلى الله عليه وسلم-عن بطنه لسواد -بكل تواضع- كي يقتص منه، فما كان من سواد إلا أن عانق بطن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ بتقبيله، فسأله عن سبب فعلته هذه، فأجابه سواد بأنَّه أراد أن يكونَ جسدُ النبي -صلى الله عليه وسلم- آخر شيءٍ يمَسُّه قبل موته، فسُرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعا له بخير، فكان هذا الموقف الرائع من أجمل المواقف النبوية التي تفيض بالأخلاق الكريمة والتواضع الكبير والقدوة الحسنة.[١٠]


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:123
  2. سورة الأنفال، آية:41
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:3983، حديث صحيح.
  4. إسلام ويب (10/9/2018)، "آثار غزوة بدر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/5/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:3959، حديث صحيح.
  6. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:841، حديث حسن.
  7. ^ أ ب المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 184. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:545 ، حديث صحيح.
  9. موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 334-347. بتصرّف.
  10. ابراهيم العلي، صحيح السيرة النبوية، صفحة 172. بتصرّف.