كم عدد المسلمين في غزوة الخندق؟

كان عدد المسلمين في غزوة الخندق ثلاثة آلاف مقاتل، وكان شعارهم "هم لا يُنصرون" وقد كانوا يهتفون أثناء حفرهم للخندق: (نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا...علَى الجِهَادِ ما حَيِينَا أبَدَا)،[١] وكان لواء المهاجرين بقيادة زيد بن حارثة، ولواء الأنصار بقيادة سعد بن عبادة، وقد خرج جيش المسلمين من المدينة بعد أن تمَّ وضع النساء والأطفال في حصون آمنة في المدينة، واستخلف النبي -صلى الله عليه وسلم- على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، وقد عسكر جيش المسلمين أمام جبل سلع، فكان الخندق بينهم وبين الأحزاب وكان الجبل خلفهم، وأخذوا يحرسون الخندق ويتناوبون على الحراسة، وكانوا يرشقون الأحزاب بالسهام إذا حاولوا اختراق الخندق، وقد حاولت مجموعة من الأحزاب اختراق الخندق، فتصدى لهم الصحابة، وحصلت مبارزة بينهم، فَقَتَل عليُّ بن أبي طالبٍ عمرَو بن عبد ود في هذه المبارزة، فولى المشركون هرباً وعادوا إلى أماكنهم، واقتصر القتال بين الفريقين على التراشق بالسهام، ولم يحصل تلاحم بينهم.[٢][٣]


كيف حُفر الخندق؟

كانت فكرة حفر الخندق فكرة جديدة على المسلمين لم يعرفوها من قبل، وقد نصحهم بها سلمان الفارسي لأنَّها كانت سائدة في حروب الفرس، فأُعجب النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الفكرة وبدأ بتنفيذها، فقرر حفر خندق في الجهة الشمالية للمدينة حيث إنَّها الجهة الوحيدة غير المحصنة، أمَّا باقي الجهات فهي محصنة بالتضاريس الطبيعية من الجبال والمرتفعات، والمناطق الوعرة، والبساتين والأشجار والبيوت المتلاصقة التي يصعب اختراقها، وقد قسَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة إلى مجموعات للعمل، وأمر كل عشرة رجال بحفر أربعين ذراعاً من الخندق، وقد بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- الحفر بنفسه، وكانوا يحفرون طوال النهار ويستريحون في الليل، وقد تمَّ الحفر باستخدام المعاول والأيدي.[٤]


حجم الخندق

كان طول الخندق خمسة آلاف متر، وكان عرضه ستة أمتار، وبلغ عمقه خمسة أمتار، وكانت جوانب الخندق قائمة بشكل عمودي غير مائل، وكان بطنه مستقيماً، وقد تمَّ حفره في مدة لا تقل عن أسبوع أو ستة أيام، وقد تعددت الروايات في مدة الحفر حتى بلغت الشهر، وقد عمل المسلمون بكل جد ونشاط رغم ما عانوه من جوع وتعب وإرهاق، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعمل معهم ويحمل التراب على ظهره ويحفر بيديه الشريفتين، وكان يعاني من الجوع والتعب كما يعانون.[٥]


النبي محمد القائد المتواضع

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء حفر الخندق يشد من عزائم الصحابة، ويقوي نفوسهم، ويرفع من معنوياتهم، جاء في الحديث: (كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخَنْدَقِ، وهُمْ يَحْفِرُونَ ونَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ علَى أكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ)،[٦] وجاء في حديث آخر يرويه البراء بن عازب ويصور فيه ذلك المشهد الرائع الذي يُبين عظمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونُبل أخلاقه وصفاته: (لَمَّا كانَ يَوْمُ الأحْزَابِ، وخَنْدَقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِن تُرَابِ الخَنْدَقِ، حتَّى وارَى عَنِّي الغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وكانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ وهو يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يقولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أنْتَ ما اهْتَدَيْنَا، ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا، إنَّ الأُلَى قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، وإنْ أرَادُوا فِتْنَةً أبيْنَا، قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بآخِرِهَا).[٧][٤]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3796، حديث صحيح.
  2. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 280. بتصرّف.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 280. بتصرّف.
  4. ^ أ ب المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 277.
  5. أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 431. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:4098، حديث صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:4106، حديث صحيح.