كان عدد الصحابة المشاركين في فتح مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف مقاتل، فبعدما نقض بنو بكر معاهدة صلح الحديبية؛ وهم أحلاف قريش، واعتدوا على أحلاف المسلمين من بني خزاعة؛ باشر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بتجهيز جيشٍ من المسلمين لقتال المشركين، وذلك في السنة الثامنة من الهجرة، فتجهّز جيش المسلمين وخرجوا متشوقين لدخول مكة المكرمة، فحملوا راية التوحيد ورفعوها عالياً، بعد أن كانت رايات الشرك تُرفع فترةً من الزمن، فسار جيش المسلمين وهم يشتعلون قهراً من الذين أخرجوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والمسلمين من بلدهم الأمين، وآذوهم واعتدوا عليهم في أول عهد الإسلام، ووقفوا يصدونهم عن نشر دين الإسلام قرابة العشرين عاماً، ولكن المسلمين لم يترددوا في دخولهم مكة هذه المرة، فقد كانوا يؤمنون إيماناً كاملاً بقدرتهم على فتحها بعون الله تعالى.[١]


جيش المسلمين يتحرك نحو مكة

جهز رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جيش المسلمين بأحسن التجهيز والتنظيم، فقسم -عليه الصلاة والسلام- الجيش إلى عدة أقسام، وجعل على كل فرقة قائداً من الصحابة، وقد استخلف النبي صلى الله عليه وسلم حينها على المدينة وأهلها أبا ذر الغفاري -رضي الله عنه-،[٢] فبعد أن اجتهد المسلمون في نشر الإسلام، وتعليم الناس أحكام دينهم، أراد الله -عزّ وجلّ- أن يكرم رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن معه من المسلمين في الدخول إلى مكة المكرمة أعزاء فاتحين، فقد كان الدين حينها قد ترسخت قواعده، وامتحن الله قلوب المسلمين للتقوى، فأراد أن يردّ للرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- والمسلمين شعور العزّة بدخولها رافعين رؤوسهم، فينتزعونها من أيدي مشركي قريش انتزاعاً، ويطهرونها من الأوثان والشرك، مُعيدين إليها منزلتها الأولى في الأمان والطهارة.[٣]


رسالة حاطب

  • تَذْكُرُ كُتُب السير أنَّ حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- كتب رسالة إلى أهل مكة، يُخبرهم فيها بما ينوي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فعله، وكان وقتئذٍ حليفاً لبني أسد، فأرسلها مع إحدى النساء مقابل أجرٍ، فوضعت هذه المرأة الكتاب في رأسها، وغطته بشعرها حتى لا يراه أحد، إلّا أنّ الله تعالى أوحى لنبيّه بالخبر، فعلم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، فأرسل علي بن أبي طالب والزبير بن العوّام -رضي الله عنهما- بسرعة، ليُحضرا الرسالة ويمنعانها من الوصول إلى المشركين.[٤]
  • فلحقا بالمرأة، وأخذا منها الرسالة، ورجعا بها إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فاستدعى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حاطباً، فعاتبه على ذلك، وسأله عن سبب فِعلته، فأجابه بأنّه يريد أن تكون له يد عند أهل مكّة، فطلب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من النبي أن يسمح له بقتل حاطب، لأنّه خان الله ورسوله، فرفضَ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- طلبه، وقال له: (أوَليسَ مِن أهْلِ بَدْرٍ، وما يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عليهم فقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ أوْجَبْتُ لَكُمُ الجَنَّةَ فاغْرَوْرَقَتْ عَيْناهُ، فقالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ).[٥][٤]


المراجع

  1. عبدالله بن عبده نعمان العواضي (4/9/2019)، "فتح مكة المكرمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2021. بتصرّف.
  2. "فتح مكة"، إسلام ويب، 30/4/2004، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2021. بتصرّف.
  3. د. محمد منير الجنباز (23/2/2016)، "كيف تم فتح مكة المكرمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/12/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد رضا، كتاب محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 473-474. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:6939، حديث صحيح.